عنوان الفتوى : حقيقة الوفاة الصغرى والوفاة الكبرى
قرأت الفتاوى الموجودة فيما يخص الروح وقلتم بأن الروح تخرج في موضعين الموت والنوم ، فكيف تفسرون إذا خرجت الروح أثناء النوم يبقى الإنسان على قيد الحياة ويتنفس ويحس وكل أعضاءه تعمل بالرغم من خروج الروح من جسده؟؟؟؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن النوم وفاة صغرى لا تنقطع فيها الحياة بالكلية ، قال صاحب اللسان : الوفاة : الموت وهي نوعان : وفاة صغرى ويقصد بها النوم ، ووفاة كبرى ويراد بها الموت ، وقد أشار إليها ربنا في قوله : اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى {الزمر: 42} انتهى
وقال ابن كثير في تفسير قوله تعالى : وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ {الأنعام: 60} يقول تعالى : إنه يتوفى عباده في منامهم بالليل وهذا هو التوفي الأصغر؛ كما قال تعالى : إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ {آل عمران: 55} وقال تعالى : اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا {الزمر: 42} فذكر في هذه الآية الوفاتين الكبرى والصغرى
وذكر ابن كثير أيضاً في تفسير قوله تعالى : اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا {الزمر: 42} أن بعض السلف قال : تقبض أرواح الأموات إذا ماتوا وأرواح الأحياء إذا ناموا، فتتعارف ما شاء الله أن تتعارف ، فيمسك التي قضى عليها الموت التي قد ماتت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى .
وقد ذكر ابن عاشور في تفسيره أن حالة النوم حالة انقطاع أهم فوائد الحياة عن الجسد وهو الإدراك ، سوى أن أعضاءه الرئيسية لم تفقد صلاحيتها للعودة إلى أعمالها حين الهبوب من النوم .
وقال القرطبي في المفهم : النوم والموت يجمعهما انقطاع تعلق الروح بالبدن وذلك قد يكون ظاهراً وهو النوم، ولذا قيل النوم أخو الموت، وباطنا وهو الموت ، فإطلاق الموت على النوم يكون مجازاً لاشتراكهما في انقطاع تعلق الروح بالبدن . اهـ
والله أعلم .