عنوان الفتوى : التعامل مع كتب الرقى والسحر

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

يوجد كتاب في سوق الجزائر عنوانه “كتاب الرحمة في الطب والحكمة” ويقال: إن هذا الكتاب ألَّفه الإمام السيوطيّ رحمه الله، وقد اطلعت على هذا الكتاب ووجدت أنه يحتوي على أدوية لكثير من الأمراض: مثل الرُّقَى وأشياء أخرى غريبة، مثل أمور الجنّ والسحر، فهل يجوز شراء هذا الكتاب والعمل به أم هو سحر مُحَرَّم ؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فإن في كتب الرقى الشرعية الخالصة من شوائب السحر والطلاسم كفاية وغنى عن مثل هذه الكتب ، ولكن لا مانع من الاستفادة مما في مثل هذا الكتاب من رقى مشروعة لا شك فيها ، ولكن ذلك مشروط بأن يأمن المطلع عليه على نفسه أن ينجر وراء ما فيه عن السحر وأشباهه ، ولو من باب التجربة وحب الاستطلاع .

يقول الأستاذ الدكتور نصر فريد واصل، مفتي مصر :
يجوز للإنسان أن يشتريَ هذا الكتاب ويأخذ منه ما فيه من صالح الأقوال ويَتَّبِعها، ويعمل بما جاء فيه صالحًا؛ ولكي يتعلم منه التداويَ بالقرآن لقوله تعالى: (ونُنَزِّلُ مِن القرآنِ ما هو شِفاءٌ ورحمةٌ للمؤمنين) (الإسراء: 82) وقال الله تعالى: (يا أيُّها الناسُ قد جاءتْكُمْ مَوْعِظةٌ مِنْ ربِّكُمْ وشِفاءٌ لِمَا في الصدور) (يونس: 57) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: “تَدَاوَوْا؛ فإن الله لم يَضَعْ داءً إلا وَضَعَ له دواءً، غيرَ داءٍ واحد هو الهَرَم” ، ولكن الأولى أخذ الرقى من الكتب التي تتناولها خالصة من شوائب الشرك ، ومن غرائب الأمور .

أما ما يحتويه الكتاب من أعمال غيرِ صالحة كالسحر مثلاً، فيجب عليه ألا يَتَّبِعها ويبتعد عنها؛ لأن السحر تعليمه وتَعَلُّمه حرام، وقد عُدَّ من السبع المُوبِقات للحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: “اجْتَنِبوا السبعَ المُوبِقات” قالوا: يا رسول الله وما هي؟ قال: “الشركُ بالله، والسحرُ وقتلُ النفس التي حرَّم الله قتلَها إلا بالحق، وأكلُ الربا، وأكلُ مال اليتيم، والتَّوَلِّي يومَ الزحف، وقَذْفُ المُحْصَنات المؤمنات الغافلات”.

وذهب جمهور العلماء إلى حُرْمة تَعَلُّم السحر وتعليمه، وقد حرَّم الإسلام على المسلم أن يلجأ إلى السحر والسحرة لعلاج مرض ابْتُليَ به أو حَلِّ مشكلة وقعت به ، وقال صلى الله عليه وسلم: “لا يدخل الجنةَ مدمنُ خمرٍ ولا مؤمنٌ بسحر ولا قاطعُ رَحِم” (رواه ابن حبان).

وبناء على هذا يجوز شراء هذا الكتاب، وأن يؤخذ ما فيه من صالح الأقوال الموافقة لكتاب الله وسنة رسوله، وأن يعمل بالصالح منها، وأن يبتعد ويترك القولَ الخبيث والأقوالَ الغير صالحة التي تُرْشِد إلى عمل مُحَرَّم ، بشرط أن يأمن على نفسه من هذه الأقوال الخبيثة غير الصالحة ، وإن استغنى عنه بغيره من الكتب التي تتناول الرقي وحدها دون السحر فهو خير وأضمن وأسلم .

أما إذا كان هذا الكتاب مَقْصورًا كله لأغراض السحر والجنّ ، أو كان أكثر ما فيه ، أو اشتمل على المفيد والضار، أو الطيب والخبيث، ولم يكثر الخبيث الذي فيه، ولكنه لا يأمن على نفسه من ضرر ما فيه مما يتعلق بالسحر ، فلا يجوز لأي إنسان مسلم شراؤه، وذلك لحُرْمة السحر وتَعَلُّمه وتعليمه ، ولوجوب اتقاء الشبهات ، عملا بقوله صلى الله عليه وسلم : ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ) .
ومما ذُكِر يُعلم الجواب عما جاء بالسؤال إذا كان الحال كما ورد به.
والله سبحانه وتعالى أعلم.