عنوان الفتوى : لا يحل المال الحرام لحائزه إلا أن يكون فقيرا
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: لقد استفتيت عن حكم عملي الذي قد خلط بين عمل صالح جائز في الشرع، وآخر محرم في الشرع (مثل تحضير وبث إعلانات تظهر فيها نساء غير متحجبات تمثلن دور أمهات تحضرن الطعام لأسرهن)، فقيل لي إنه أمامي ثلاثة أقوال في المسألة: قول بالتخلص من نسبة الحرام في مالي بعد تقديرها, وآخر لا يوجب التخلص من الحرام إن لم يكن مملوكا للغير (وهو ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيميه)، والثالث توسط في الأمر فأباح للفقير الانتفاع به دون الغني (وهو ما ذكره الإمام النووي نقلا عن الغزالي)، ففي الحقيقة أنا في حيرة من أمري: من ناحية أقول هل يستلزم الأمر صلاة استخارة قبل الإقدام على أي من هذه الحلول؟ ومن ناحية أخرى أخاف على نفسي الانتفاع بهذا المال -لحاجتي إليه- فيكون الشيخ ابن تيمية قد أخطأ في رأيه وأكون قد أكلت من حرام!!! ما ترون جزاكم الله خيراً؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن المال الذي تحصل بيد الشخص من منفعة محرمة لا يطيب له إلا في حالة واحدة وهي أن يكون فقيراً محتاجاً إلى هذا المال فله أن ينفقه على نفسه، وهذا ما أفتى به شيخ الإسلام ابن تيمية عندما سئل عن مغنية اكتسبت في جهلها مالاً كثيراً ثم تابت، فكان من ضمن جوابه: أن هذا المال لا يحل لها ولكن يصرف في مصالح المسلمين، فإن تابت هذه البغي وهذا الخمار وكانوا فقراء جاز أن يصرف إليهم من هذا المال بقدر حاجتهم، فإن كان يقدر يتجر أو يعمل صنعة كالنسيج والغزل أعطي ما يكون له رأس مال. انتهى.
فكلام شيخ الإسلام ابن تيمية واضح أن هذا المال لا يحل لحائزه إلا أن يكون فقيراً فلا ندري كيف نسب السائل لابن تيمية القول بجواز الانتفاع بالمال الحرام مطلقاً.
هذا وليعلم أن العامي إذا سأل العالم الثقة فأفتاه وعمل بفتواه فقد برئت ذمته ولو كان العالم قد أخطأ في اجتهاده وفتواه، ما لم يطلع هذا العامي على ذلك الخطأ.
والله أعلم.