عنوان الفتوى : كيفية الوقاية من السحر والجن
فيما يتعلق بالجن أو السحر سماحة الشيخ؟ play max volume
الجواب: السحر قد يقع قد يقع السحر بين الناس لا شك فيه وهو في الغالب يكون بعمل من شياطين الإنس الذين يتلقونه عن الجن فيعقدون عقداً وينفثون فيها بريقهم الخبيث وكلماتهم الشيطانية فقد يقع بإذن الله ما يريدون، كما قال جل وعلا: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ [الفلق:1-2] وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ [الفلق:4] هم السواحر اللاتي ينفثن في العقد بالريق الخبيث والكلمات الخبيثة والدعوات الخبيثة، فقد يقع ما أرادوا بإذن الله وقد لا يقع، ولهذا قال سبحانه: وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونََ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ [البقرة:102].
فالسحر حق قد يقع وهو منكر عظيم والرسول ﷺ قرنه بالشرك قال ﷺ: اجتنبوا السبع الموبقات. قلنا: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله والسحر فجعله قرين الشرك، هكذا جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة، فالله جل وعلا قال: وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ [البقرة:102] فهو من تعليم الشياطين ومن تعديهم على بني آدم وإيذائهم لهم وإيقاعهم في أنواع الباطل.
فينبغي للمؤمن أن يتحرز عن ذلك بما تقدم من التعوذات الشرعية؛ آية الكرسي، من قراءة (قل هو الله أحد) والمعوذتين بعد الصلوات، قراءتها عند النوم، قراءة (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) يقول ﷺ: من نزل منزلاً فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك وجاءه رجل فقال: لقد لقيت كذا وكذا هذه الليلة من لدغةة عقرب -أو كما قال الرجل- فقال له ﷺ: أما إنك لو قلت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضرك وجاء في حديث آخر أنه قال: من قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاث مرات لم تضره الحمة يعني: سم السموم، فالمقصود أن هذه التعوذات الله جل وعلا جعلها سبباً للعافية والسلامة من هذه الشرور.
فينبغي للمؤمن أن يكون عنده قوة إيمان وقوة ثقة بالله وحسن ظن بالله مع إتيانه بهذه الأوراد الشرعية والتعوذات الشرعية، والله جل وعلا هو الكافي المعافي سبحانه وتعالى بيده كل شيء أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ [الزمر:36]. نعم.
المقدم: هناك علاج من آيات من القرآن الكريم بالنسبة للسحرة أو الجن؟
الشيخ: كذلك الجن ..... التعوذ بالله منهم من أسباب السلامة، فإن الجن مخلوقون مربوبون فالذي خلقهم هو الذي يعيذ منهم سبحانه وتعالى، فإذا الإنسان لجأ إلى الله وتعوذ بكلماته التامة من شر ما خلق أعاذه منهم ومن غيرهم، وهكذا آية الكرسي عند النوم من أسباب السلامة منهم ومن غيرهم، وهكذا قراءة (قل هو الله أحد) والمعوذتين من أسباب السلامة من كل شر ومن الشياطين أيضاً، فالله سبحانه هو الخلاق وبيده تصريف الأمور جل وعلا، وبيده الضر والنفع والعطاء والمنع فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن سبحانه وتعالى، قد ذكر عن السحرة أنهم يتعلمون من السحر الذي تفعله الشياطين وتلقيه الشياطين، يفعلون من ذلك ما يفرقون بين المرء وزوجه، يعني: يفعلون أشياء تسبب كراهة الزوج لزوجته أو كراهتها له حتى يفارقها، ثم قال بعده: وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ [البقرة:102] يعني: من حظ ولا نصيب وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [البقرة:102-103] فدل على أنه خلاف التقوى وخلاف الإيمان. نعم.
وبين أيضاً أنه كفر قال: وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ [البقرة:102] فدل على أن تعلم السحر وتعليم السحر واستعماله كفر بعد الإيمان نعوذ بالله؛ لأنه إنما يكون بطاعة الشياطين وعبادتهم من دون الله، فإذا أطاع الشياطين من الجن وعبدهم من دون الله علموه بعض الأشياء التي تضر الناس، ويروى عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: من سحر فقد أشرك.
فالمقصود أن السحر من أسباب الشرك؛ لأنه لا يتوصل إليه إلا بعبادة الجن والاستغاثة بهم والاستعانة بهم، والتقرب إليهم بذبح أو نذر أو سجود أو غير ذلك، فلهذا حكم العلماء على السحرة بأنهم كفار، هذا هو المعروف عند جمهور أهل العلم: أن كل ساحر كافر، من عرف بالسحر فهو كافر.
قال بعض أهل العلم: يسأل عن صفة سحره؟ فإن وصف شيئاً يدل على الكفر صار كافراً وإلا صار من جملة المعاصي ومن جملة الظلم للناس، وبكل حال هذا المعنى ما يخالف ما قاله الجمهور، فإن مراد الجمهور هو السحر الذي لا يعرف له أسباب تبعده عن الكفر، فالساحر في الغالب إنما يكون ساحراً بخدمته للجن وعبادته للجن، أما إذا ادعى سحراً في شيء لا يكون من جنس السحر ولكنه قد يضر الناس بعمل آخر غير عبادة الجن وخدمة الجن وطاعتهم والاستغاثة ونحو ذلك كأشياء يستعملها من مواد تؤكل أو تشرب أو يدخن بها أو يدهن بها فتضر بعض الناس هذا من باب الضرر من باب الظلم من باب الإيذاء ليس من باب عبادة الجن. نعم.
المقدم: بارك الله فيكم. تتفضلون بذكر الآيات التي سمعتكم في مرة تتحدثون عنها سماحة الشيخ آيات التي تدفع السحر؟
الشيخ: نعم ذكر بعض أهل العلم أن من أسباب العافية مما قد يمس الإنسان من السحر ومس الجن وما قد يمسه أيضاً من حبسه عن زوجته أن من أسباب الشفاء من ذلك: قراءة آية الكرسي ينفث بها في الماء والفاتحة سورة الفاتحة و قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ[الكافرون:1] و قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] والمعوذتين فإذا قرأ هذه السور والآيات الكريمة آية الكرسي وقرأ مع ذلك أيضاً آيات السحر الموجودة في سورة الأعراف وسورة يونس وطه كان ذلك من أسباب الشفاء إذا شرب من الماء وتروش به فإنه من أسباب سلامته من السحر ومن أسباب إطلاقه عن حبسه عن أهله.
وآيات الأعراف هي قوله تعالى: وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ [الأعراف:117-119] هذه الآيات في الأعراف من أسباب الشفاء قراءتها في الماء أو ينفثها على المريض ينفث بها مع الفاتحة ومع آية الكرسي ومع قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1] و قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] والمعوذتين إما أن ينفث بها على المصاب وإما أن يقرأها في ماء ثم يشرب منه ويتروش بالباقي.
وفي سورة يونس يقول جل وعلا: وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ [يونس:79-82] يعني: إما ينفث بها عليه وإما يقرأها في الماء ونحوه.
أما آيات طه فهي قوله سبحانه: قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى [طه:65-69].