عنوان الفتوى : زنت وتابت وتريد الزواج بدون إذن وليها

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

فتاة عمرها 28 سنة تريد الزواج من رجل عمره 43 سنة متزوج، وهو إماراتي الجنسية وهي متأكدة أن ولي أمرها سيرفض، ما الحكم في أن تذهب إلى مصر مثلا وتطلب من قاضٍشرعي هناك أن يعقد نكاحها على ذلك الرجل؟ علما أنها ثيب من زنا، وأهلها لا يعلمون، والرجل الذي تريدزواجه يعلم، ووافق بعد أن تابت إلى الله أمامه، ولا تستطيع الزواج من أي رجل يوافق عليه أهلهالأنها لن تستطيع إطلاعه على سرها؟

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ‏
فإن النكاح لا يصح إلا بولي، ولا تملك المرأة أن تزوج نفسها ولا غيرها ولا أن توكل غير ‏وليها - مع ثبوت عدم عضله لها- سواء كانت المرأة سبق لها الزواج أم لا، صغيرة كانت أم ‏كبيرة، لقوله تعالى: (وأنكحوا الأيامى منكم) [التوبة: 32] وقوله تعالى: ( ولا تنكحوا ‏المشركين حتى يؤمنوا ) [البقرة: 231] وقوله: (فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن) ‏‏[البقرة:232] فخاطب الرجال بتزويج النساء، ولو كان لها أن تزوج نفسها لما ثبت في حقها ‏العضل من قبل وليها. ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلا بولي" رواه أحمد وأبو ‏داود والترمذي، وقال أيضاً: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها ‏باطل، فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان ‏ولي من لا ولي له" رواه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم وقال: هذا حديث صحيح على ‏شرط الشيخين ولم يخرجاه. وروى ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم: " لا تزوج المرأة المرأة ، ولا تزوج المرأة نفسها، فإن الزانية هي التي ‏تزوج نفسها".‏
وإلى هذا ذهب جماهير أهل العلم من السلف والخلف منهم مالك والشافعي وأحمد، وهو الحق ‏الذي لا يجوز العدول عنه بحال، ويروى أيضاً عن عمر وعلي وابن عباس وأبي هريرة وغيرهم ‏رضي الله عنهم أجمعين.‏
والأحق بتزويج المرأة أبوها ثم أبوه وإن علا، فإن لم يوجد فابنها ثم ابنه وإن نزل، ثم أخوها ‏الشقيق ثم لأبيها ثم أبناء أخيها، ثم أبناء أخيها لأب، ثم العم الشقيق، ثم العم لأب، ولا يتنقل ‏من قرابة إلى أخرى مما سبق إلا عند عدم وجودها أو عدم صلاحيتها، فإن عدمت الولي من ‏هؤلاء فيزوجها السلطان ( القاضي ) لقوله صلى الله عليه وسلم: " فالسلطان ولي من لا ولي ‏له". رواه أحمد وأبو داود الترمذي.‏
كما أنه لا يجوز أن تسافر المرأة بلا محرم، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم :‏ 6219.
وليس للمرأة أن تخبر رجلاً أجنبياً عنها بما اقترفته من الإثم، لما في ذلك من هتك ستر الله ‏تعالى، وحذرا من الفتنة والوقوع في الإثم مرة أخرى.
وزواج المرأة بلا إذن وليها ‏‎-‎‏ مع كونه محرماً -‎‏ عقوق لوالديها، ‏وإيذان بالقطيعة لهما، وإقدام على مستقبل محفوف بالمخاطر والأحزان.‏
والواجب عليك التوبة إلى الله تعالى مما سبق، والالتجاء إليه سبحانه أن يذهب عنك الهم ويفرج ‏عنك الكرب، وأن يوفقك للزواج من الرجل الصالح الذي تسعدين معه وتهنئين. وإذا تابت ‏المرأة من الزنا لم يجب عليها إخبار المتقدم لها بما كان منها، وإنما تستتر بستر الله تعالى.‏
كما لا يلزمها إخبار الزوج بذلك بعد الزواج ولو سألها، وتلجأ إلى التورية في ذلك، فإن ‏البكارة تزول بأسباب كثيرة كالوثب، وتتابعه والركوب فوق الأشياء الصلبة، وغير ذلك نص ‏على ذلك أهل العلم. ومن تابت إلى الله تعالى توبة صادقة نصوحاً رجي لها أن يسترها الله تعالى بستره، وأن يرعاها برعايته .
وعلى هذا نقول : احذري أن تضمي إلى معصيتك الأولى ‏معاصي أخرى كثيرة، من عصيان لوالدك، وزواجك بلا إذنه، وسفرك المحرم، وما يترتب على ‏ذلك من مشاكل مستقبلية بينك وبين أهلك، وربما كان هذا سبباً في افتضاح أمرك. والله ‏أعلم.‏