عنوان الفتوى : هل يجوز دفع الكفارة لشخص واحد أو شخصين؟
هل يجوز دفع كفارة اليمين لشخص واحد وأعني بكفارة اليمين إطعام عشرة مساكين وهي حسب علمي ما يعادل 2,5 كيلوجرام من الأرز للشخص الواحد يعني طعام عشرة مساكين ما يعادل 25 كيلوجرام هل يجوز أن أعطيها لشخص واحد أوشخصين وشكراً
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن حلف وحنث في يمينه وجبت عليه كفارة اليمين، فإن شاء أطعم عشرة مساكين، وإن شاء كساهم، وإن شاء أعتق رقبة، فأي ذلك فعل أجزأه، فمن لم يجد وجب عليه صيام ثلاثة أيام، وهذا لا خلاف فيه بين أهل العلم، والأصل في ذلك قوله تعالى: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم) [المائدة: 89].
وقد أجاز الأوزاعي دفع الطعام أو الكسوة إلى مسكين واحد، وقال الحنفية بالجواز، وهو رواية عن أحمد، لكن إذا دفعت لمسكين واحد في عشرة أيام، ولا يجوز دفعها إليه في يوم واحد.
وذهب جمهور أهل العلم كمالك والشافعي وأحمد في الصحيح عنه إلى أنه لا يجوز أن تدفع إلى أقل من عشرة مساكين لنص الله تعالى على عددهم، وهو الراجح.
فإن لم يجد عشرة مساكين: فقال مالك والشافعي وأحمد في رواية لا يجزئه إلا كمال العدد.
وذهب أحمد في الرواية الأخرى والثوري إلى أنه إن لم يجد عشرة مساكين يرد على الموجود منهم في كل يوم حتى يتم العشرة، فإن لم يجد إلا واحداً ردد عليه تتمة عشرة أيام، وإن وجد اثنين ردد عليهما خمسة أيام، ولعل هذا هو الراجح لقوله تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم) [التغابن: 16].
وقد أجاز الأوزاعي والحنفية إخراج قيمة الطعام أو الكسوة بدلاً عنهما، ومنع ذلك الجمهور بمن فيهم الأئمة الثلاثة وهو الراجح، وننبه إلى أن الطعام الواجب في كفارة اليمين لكل مسكين ليس كما ورد في السؤال، بل تحديد جنس الطعام وقدره يرجع فيه إلى العرف، فيطعم من أوسط ما يطعم أهله قدراً ونوعاً، وهو الذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية، إذ آثار الصحابة في ذلك مختلفة فيصار إلى إطلاق الآية، والمطلق على لسان الشارع يرجع في تفسيره إلى العرف، وإذا أخرج مداً من قوت أهله لكل مسكين فهو إطعام، والمد هو ملء يدي شخص وسط.
واختلف أهل العلم فيمن وجب عليه الصوم هل يجوز له أن يفرق الثلاثة الأيام أم لا؟
فمذهب مالك وظاهر قول الشافعي ورواية عن أحمد أنه يجوز تفريقها، واحتج لهم بأن الأمر بالصوم مطلق ولا يجوز تقييده إلا بدليل، وقال مالك: (وأحب أن يكون ما سمى الله في القرآن يصام متتابعاً). واشترط الأحناف التتابع وهو ظاهر مذهب أحمد وقول للشافعي والنخعي والثوري وإسحاق وأبي عبيد وأبي ثور ومجاهد وعكرمة، وروي عن علي بن أبي طالب وهو الراجح لقراءة أبي وابن مسعود: "فصيام ثلاثة أيام متتابعات" فهذا وإن لم يكن قرآناً إلا أنه له حكم الخبر المرفوع.
قال ابن قدامة: "وعلى هذا إذا أفطرت المرأة لمرض أو حيض أو الرجل لمرض لم ينقطع التتابع، وبهذا قال أبو ثور وإسحاق"، وهذا يعني أن التتابع لغير المعذور واجب مشروط. والله أعلم.