عنوان الفتوى : الغاية لا تبرر الوسيلة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:سيّدي الكريم، أنا تونسي تأسّست علاقتي مع زوجتي الجزائرية على أساس عقد عمل في الميدان الفنـّي براتب شهري قيم، ثم تزوجنا شرعيا، وبدأنا عشرتنا الزوجية على الأسس الإسلامية الصحيحة، كنـّا نسعى إلى العمل في الميدان الفنّي وذلك لأجل غرضين اثنين:الأوّل: وهو كسب أكثر ما يمكن من المال حتى يتسنّى لنا حسن العيش وفعل الخير ومساعدة كل العائلة وكذلك الفقراء والمساكين من المقربين وغيرهم.والثاني: وهو الأهم، وهو جلب أكثر عدد ممكن إلى شعائر الله من المسلمين غير المطبـّقين لفرائض الله، وذلك بعد شهرة سعيدة فنـّيـّا في العالم ثم تأدية أغاني دينية ثم اعتزالها الفن فجأة والقيام بالدّعوة إلى الإسلام.خيّـل إلينا أن هذه أنجع طريقة لجلب أكثر عدد ممكن إلى الإسلام الصّحيح، فبهذه الأفكار بدأنا على بركة الله مسيرتنا الفنية، إنّ النـّجاح في الميدان الفنّي يتطلـّب أموالا طائلةً، فقرّرنا أنا وزوجتي التخلّي عن ثلاثة أرباع حصصي في شركتي الإشهارية وأنفقت الكل في تسجيل الأغاني وتصوير تلفزيوني، وفي هذه الأثناء كانت سعيدة غير راضية عما تفعله لأنها كانت دائما تشعر بعدم موافقة عائلتها وهي التي تؤمن بأن رضا الله في رضا الوالدين، فلم تكن ترغب في الظهور في المحطـّات التلفزيونيّة رغم أنّ الإنتاج كان جيّدا وقادرا على جلب أرباح طائلة، ولكني ومن أجلها لم أقم بأي ترويج للمنتج واحتفظت به في البيت، فمنـذ البداية كنت ولا أزال زوجا مثاليّـا لم أرتكب أي شيء يذكر قد يتسبب في تعكير الجوّ العائلي، بل كنت ولا أزال أطنب في المعاملة الحسنة، وكذلك كانت سيرتها، فأنا أشهد أنها امرأة لا مثيل لها في إيمانها بالله وقدوتها الحسنة، كنّا نعيش في وئام باستثناء مرّتين أغضبتني فيهما، الأولى: وكانت آنذاك حائضا، تخاصمنا فطلـّقتها ثمّ أرجعتها في يومها ثم علمت بعدها أن هذه الطـّلقة محرّمة. الثّانية: تخاصمنا فطلـّقتها ثانيةً وكنت قد اجتمعت بها ليلة بارحة الواقعة، ثمّ رجعت بعد يومين، أظنّ بأنّ هذه الطـّلقة أيضًا غير مشروعة والله أعلم، فأقسم بأنـّني كنت مظلوما وقد أغضبتني غضبا شديدا، منذ بداية زواجنا طلبت سعيدة أن تتخلّى عن الفن فوافقتها مع فكرة إيجاد معوّضة لها، فكان لنا بمعوّضة جديرة ولكن إحساسها بالغيرة الشّديدة جعلها تقرّر الرجوع في قرارها متعهّدة أنّها لن تطرق الموضوع ثانية، ومنذ أكثر من سنة، طلبت منّي أن أتخلـّى نهائيـّا عن الفن فوافقت وتحمّلت كلّ هذه الخسائر للمحافظة على عائلتي التي أكنّ لها كلّ الحبّ والتـّقدير، أمّا بالنسبة لراتبها الشهري فلم أنقطع عن إعطائها إياه إلى يومنا هذا، وهي تحتفظ به في البنك، فكنت ولا أزل أحرص على زيارتها لعائلتها عند كل فرصة قد تتوفـّر وكنت في أغلب الأحيان أدفع تذكرة السفر. عادت هذه المرّة وطلبت منّي الطـّلاق قائلة إنّها مرغمةٌ على ذلك تلبية لأفراد العائلة وخاصّة أباها إذ وعدته بذلك، فلم أكن أصدّق أنّ أحدا يطلب منها القيام بشيء يبغضه الله عز وجل في حالة توقّر أسباب الطـلاق، فإن الدين الإسلامي يريـد الإصلاح ويأمـر بفعل كل ما هو بالوسع للتسوية بين الزوجين، هذا في حالة وجود خلاف بين الزوجين، فما بالكم إن لم يكن هناك خلاف قط، ذهبت لهم لطلب التسوية، يا للعجب، عوض أن يقنعوها ويحضوها على الخير، يطلبون منها أو يوافقونها على فعل ما حرم الله، ذاكرين أنني كنت قد طلقتها، وبفرض أن الطلقتين صحيحتان فلي الحق في الثالثةٌ قبل أن تصبح مطلقة نهائيا، يا للعجب، إنه قد مضى وقت طويل على آخر طلقة، ما يقارب السنتين، فإن كانت مطلقة حقاً، فهل إذا كانت تزنى معي مدة سنتين كاملتين، أؤكد لكم أنها ليست مطلقة، بل إنها تأخذ عليها كل العبء بما في ذلك العقاب الشديد يوم الآخرة لإرضاء والدها، إذ كان هذا هاجسها اليومي، رجعت إلى بلدي والموت في قلبي وأحسست بالقهر والظلم، وأثناء وجودي بالطائرة التي أقلتني إلى تـونس، رجعت زوجتي إلى أهلها، ثم خاطبتني هاتفيا وقالت أنها رجعت إلى الجزائر تلبيةً لطلب أبيها، وأن كثرة الكلام من حولها غيرها ولم تعد تحبني مثل قبل، وأن كل شيء منته بيننا وأنها مقتنعة كل الاقتناع بهذا القرار، وأخيرا قالت لي إن لها حبيبا متعلقة به، قالت هذا الكلام وهي في بيت أخيها وكانت أمها بجوارها، يا للعجب، وكما أخبرتني أنها كانت ترفض الاجتماع معي في الفراش متعللة بمرضها لأنها تعتبر نفسها مطلقة، هكذا قالت وأنا أعلم أنها كانت مريضةً فعلاً، فلم تطلب هذه المرة الطلاق خلعاً فقط، بل أقرته من طرف واحد، سامحوني، أكمل ما تبقى من السؤل مباشرة بعد هذا ولكم الشكر لتفهم الوضع؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 64820.
ما يتعلق بصحة زواجك من هذه المرأة واستمراره وعدم جواز التدخل فيه أو التعرض لها بخطبة أو غيرها.
أما ما ذكرته هنا في هذا السؤال فإنه غير واضح كما ينبغي، ولكنا نقول للسائل إن الدعوة إلى الله تعالى ونصح المسلمين وحب الخير لهم كل هذا من الأعمال الصالحات والقربات التي يتقرب بها إلى الله تعالى، ولكن لا يجوز أن يتوصل إليها بما هو محرم، وتراجع الفتوى رقم: 23633.
فالفن الذي يشتمل على موسيقى أو اختلاط محرم أو نحو ذلك لا يجوز ممارسته ولا جعله وسيلة لأي عمل أخروياً كان أو دنيوياً، وعليه فإنا ننصح الأخ بالتوبة إلى الله تعالى من هذا الذنب والإقلاع عنه في الحال والندم على ما مضى منه وعقد العزم على عدم العود إليه في المستقبل، هذا إذا كان مارس أو دعا إلى ممارسة ما هو محرم من نحو ما ذكرنا.
والله أعلم.