عنوان الفتوى : حلق اللحية للضرورة
أنا كنت ملتحيا ثم استدعيت من قبل أمن الدولة وهددت منهم بشدة إن لم أحلق لحيتي وطبعا سمع الجميع بهذا الأمر وأبي قال لي احلقها فحلقتها، والآن أنوي أن أعفيها فيما بعد، فهل يجوز ذلك؟ جزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه يحرم على الرجل حلق لحيته، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين. متفق عليه، وقوله: جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس. رواه أحمد ومسلم، وقوله: خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب. وغير ذلك من الأحاديث الآمرة بإعفاء اللحية.
ولكن أوامر الله مبنية على رفع الحرج ودفع الضرر، قال الله تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة:286}، وقال تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {البقرة:173}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم. أخرجه مسلم.
وعلى هذا فإذا كان إعفاء اللحية يسبب للمرء ضرراً مجحفاً محققاً، كالقتل أو التشريد أو الحبس أو التعذيب ولم يستطع دفع ذلك الضرر إلا بالتخفيف من لحيته أو حلقها، فإنه يجوز له اللجوء إلى الأخف وهو التخفيف، ولا يصير إلى الحلق إلا إذا ثبت أن ما دونه لا يدفع عنه الأذى، لأنه فعل ذلك ضرورة، والضرورة تقدر بقدرها، ومتى زالت عاد الأمر الذي كان مرخصاً فيه من أجلها إلى أصله من التحريم.
وعليه فإذا كانت الظروف التي حملتك على حلق اللحية قد زالت فإنه يجب عليك إعفاؤها، ولو كان أبوك لا يرى ذلك، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، كما روى أحمد وصححه السيوطي والهيثمي والألباني.
وإن كانت الظروف ما زالت على ما هي عليه فإن الإعفاء للحية لا يجوز، لأنه معصية للوالد فيما تجب طاعته فيه، ولأن فيه إضراراً بالنفس، وراجع الفتوى رقم: 3198.
والله أعلم.