عنوان الفتوى : هل تلقيب الرجل بأبي لحية أو شدّها من الاستهزاء؟
هل القيام بالإمساك بلحية شخص وشدها مزاحًا من الاستهزاء باللحية؟ وهل تلقيب الرجل الذي يعفي لحيته، بأبي لحية، يعد استهزاءً مخرجًا من الملة؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالعبرة في مثل هذه الأعمال بالدافع إليها، والمعنى الذي في قلب صاحبها! وليست هي بمجردها استهزاءً قطعًا، بل لا يبعد أن يقال: إن مثل هذا قد جرت به العادة من غير نكير، فكيف يكون ذلك كفرًا مخرجًا من الملة؟!!!
وقد كان من عادة العرب عند الملاطفة: تناول لحية المخاطب، وعلى ذلك حمل أهل العلم ما ورد في قصة صلح الحديبية عن عروة بن مسعود، عندما جاء مفاوضًا للنبي صلى الله عليه وسلم، فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم، فكلما تكلم أخذ بلحيته، والمغيرة بن شعبة قائم على رأس النبي صلى الله عليه وسلم، ومعه السيف، وعليه المغفر، فكلما أهوى عروة بيده إلى لحية النبي صلى الله عليه وسلم، ضرب يده بنعل السيف، وقال له: أخر يدك عن لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم .. الحديث. رواه البخاري.
قال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري): كانت عادة العرب، أن يتناول الرجل لحية من يكلمه، ولا سيما عند الملاطفة. وفي الغالب إنما يصنع ذلك النظير بالنظير، لكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يغضي لعروة عن ذلك استمالة له وتأليفًا، والمغيرة يمنعه إجلالًا للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمًا. اهـ.
وكذلك من عادة الناس أن يُعرِّفوا الشخص بما يميز شكله، أو هيئته، فيقولون: أبو لحية، على سبيل التعريف، كما يقولون: أبو خال أو شامة، لمن عنده خال، أو شامة في وجهه. ويقولون: أبو عمامة، لمن يرتدي عمامة في بيئة يقل فيها ذلك، وهكذا. كما يطلق لفظ: {أبو} على: (من يتّصف بصفة معيّنة، أبو الكرم: كريم)، كما جاء في (معجم اللغة العربية المعاصرة).
والمقصود أن إطلاق عبارة: (أبو لحية) على الملتحي، قد يكون لمجرد التعريف، ولا يقصد بها الاستهزاء بالمرة.
والله أعلم.