عنوان الفتوى : لا يجتمع كذب وإيمان إلا وأحدهما يحارب الآخر
عندي مشكله وأتمنى أن أجد الحل لديكم، مشكلتي أنا أكذب كثيراً، فماذا أفعل كيف يمكنني أن أوقف لساني عن الكذب؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن مما يعينك على ترك الكذب يقينك بأن الله يراك ويسمعك، وأنك ستسأل عما تتكلم به، قال الله تعالى: مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ {ق:18}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: وهل يكب الناس على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.
ومما يعينك أيضاً على ترك الكذب معرفتك أنه لا يستقيم إيمان الكذاب، فقد قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أيكون المؤمن كاذباً، فقال: لا. فإن الكذب من خصال المنافقين، قال ابن القيم: الإيمان أساسه الصدق، والنفاق أساسه الكذب، فلا يجتمع كذب وإيمان إلا وأحدهما يحارب الآخر. وانظر الفتوى رقم: 26391.
واعلم أن صحبة الصالحين تغري بالصلاح، فإن الصاحب ساحب والطباع سراقة، فحاول أن يكون لك رفقة صالحة من الشباب المستقيم المتمسك بالدين، فإنك إن أكثرت من مجالستهم فسينتقل إليك كثير من خصالهم الطيبة، وفي المقابل اقطع صِلاتك مع الشباب المستهتر المتفلت من ضعيفي الإيمان والفاسقين فإن صحبتهم مردية وأخلاقهم الخبيثة ستنتقل إليك دون أن تشعر.
ولا تنس أمضى سلاح، وهو الدعاء فاسأل الله كثيراً بذلّ وإلحاح أن يرزقك الاستقامة وحفظ اللسان والصدق في القول، وأن يصرف عنك الكذب وخصال النفاق، والتمس في دعائك أوقات الإجابة الشريفة كوقت السحر عند النزول الإلهي وفي السجود وبين الأذان والإقامة وعند الفطر في اليوم الذي تصوم فيه.
والذي نريد أن ننبهك عليه أن الكذب إضافة إلى كونه من خصال المنافقين وضعيفي الإيمان فهو أيضاً من خصال ضعيفي الشخصية الذين انعدمت مروءتهم، فلو لم يكن الكذب محرماً لترفع عنه الرجال الكمَّل، ولذلك كان الكذب مذموماً عند المسلمين وغيرهم، فإن الكذب لا يقع إلا من الجبان الذي يخشى المواجهة مع الآخرين.
وإن من كمال الرجولة أن يتحمل الإنسان نتيجة أعماله ثم يحاول أن يصحح أخطاءه، لا أن يكذب ويهرب كما يفعل الأطفال والصغار، قال الإمام الزهري: والله لو نادى مناد من السماء إن الله أحل الكذب ما كذبت. وذلك لكمال مروءته رحمه الله تعالى.
والله أعلم.