عنوان الفتوى : التأسي بالرسول عليه الصلاة والسلام قدر الوسع والطاقة
سؤالي هو: كيف السبيل لتقليد نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم في صيام النافلة وصلاة النافلة فضلا عن الفريضة في كل منهما، ما معنى حديث أمنا عائشة رضي الله عنها وأرضاها وعن أبيها وأرضاه: ومن يستطيع عمل رسول الله فقد كان عمله كله ديم. إن صح قولي في كتابة الحديث الشريف؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فعلى الأخ السائل الكريم أن يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم هو القدوة الحسنة في الصلاة والصيام وغيرهما، وفي كل عمل من أعمال الطاعات والعادات، قال الله تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ {الأحزاب:1}، وقال صلى الله عليه وسلم: وصلوا كما رأيتموني أصلي. رواه البخاري، والعبارة الصحيحة هي الاقتداء أوالاتباع أو التأسي.
وأما التقليد عند أهل الأصول فهو الأخذ بقول غير المعصوم من غير معرفة دليله، وأما اقتفاء النبي صلى الله عليه وسلم في سننه فلا يسمى تقليداً شرعاً، مع أن السائل يريد هنا التشبه به في أعماله، ثم إن العبادة على قسمين: فرائض وغير فرائض.
أما الفرائض فلا بد من الإتيان بها على الوجه الذي تجزئ معه، والإتيان بها على الوجه الأكمل أمر مطلوب مثل الزيادة على الطمأنينة في الصلاة والخشوع فيها، والقراءة فيها بتمهل إن لم يكن إماماً يضر بمن وراءه، ومثل الصيام لا عن الطعام والشراب والشهوات فقط بل عن النظر المحرم والكلام المحرم وغير ذلك مما ينبغي اجتنابه في العبادة وغيرها، كل ذلك امتثالاً لأمر الله تعالى واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.
وأما النوافل فمن غير السهل على أي أحد أن يعمل مثل عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم من المداومة على الأعمال مثل صلاة الليل وصيام التطوع واستحضار ذكر الله تعالى وتعظيمه وكثرة الاستغفار، إلا أن المسلم مطالب بهذه السنن أيضاً على وجه السنية بقدر استطاعته، وفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة وأسوة.
وهذا معنى قول عائشة كما في صحيح مسلم عن علقمة قال: سألت عائشة فقلت: يا أم المؤمنين كيف كان عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم، هل كان يخص شيئاً من الأيام؟ قالت: لا؛ كان عمله ديمة. وأيكم يستطيع ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستطيع ، ولبيان هدي النبي صلى الله عليه وسلم يرجى مطالعة الجزء الأول والثاني من زاد المعاد لابن القيم.
والله أعلم.