عنوان الفتوى : طلاق الكتابية عند تعذر بقاء العلاقة
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين بعد الدعاء لعلماء ديننا وفقهاء شريعتنا ومهدئي نفوسنا بأن يحفظهم الله للإسلام ولحيارى المسلمين، عبد ضال في بلاد الضلال يسأل الله ثم يسألكم سادتنا الكرام النصح والعون. من فرج عن عبد كربة من كرب الدنيا, فرج الله عنه كربة من كرب الآخرة.لدي من العمر ستة وعشرون, متزوج من ألمانية منذ ثلاث سنوات, منذ تعرفي عليها, ربطت بيننا علاقة المودة والمحبة، وهنا تبدأ المشكلة, فمن طرفها هي كان الحب وصدق المشاعر, أما أنا فقد أوهمتها بأني أحبها, بمعنى أوضح منذ تعرفي عليها وإلى هذا اليوم لم أحبها ولو للحظة، بل اضطررت أن أظهر لها ذلك وأن أربط معها علاقة فقط قصد الخروج إلى ألمانيا، ولأسفي الشديد ولم أشعر بهذا إلا منذ أن هداني الله وتبت له صادق التوبة, وعلمت بأن لا ألمانيا تبقى ولا طموح شاب بني على الكذب والغش, بل الذي يبقى هو ما يفعل من صالح الأعمال، كما أن المشكلة تأخذ نوعا ما طابعا اجتماعيا, ذلك أنه يلزمني سنة أخرى هنا في ألمانيا للحصول على الإقامة النهائية، ويبقى دائما تأنيب الضمير بأن أعيش مع امرأة لا تربطني بها سوى رسميات الزواج دون شعور حب من طرفي (كما أني لا أكرهها ولا أريد لها ضررا)، ورغم أن زوجتي مسيحية ومتمسكة تمام التمسك بدينها, ولم تنفع معها محاولتي توجيهها لدين الإسلام, ولكن ما يهمني على الأقل أن أفترق عنها بعد الحصول على إقامتي الدائمة دون ترك خسائر لي مع الله، وما زاد الطين بلة, أنه منذ سنة توفيت أمها, ولم يعد لزوجتي سواي في هذه الدنيا، وهو ما زادني تأنيب الضمير والخوف أكثر من غدي أمام الله, أن أكون محل ظالم لو افترقت عن زوجتي وتركتها لوحدها, رغم أنها اجتماعيا مستقلة تماما وتشتغل ولا خوف عليها لو عاشت لوحدها، وسؤالي هو: بعد محاولاتي غير المجدية إقناع نفسي بحبي لزوجتي, ورغم عدم وجود مشاكل وخصام هل أعدّ ظالما لو أني تركتها، ليس لدينا أطفال, وكما سلف أن ذكرت وفاة والدة زوجتي؛ هل أن زوجتي الألمانية وبعمرها الذي هوفوق الثلاثين بستة تعتبر يتيمة, و في حال طلاقي منها, أعتبر ظالم يتيم، هل يصح بعد طلاقي منها أن أترك لها مالاً كنوع من جبر الخاطر, خاصة أني في السنوات الأولى من الزواج كنت عاطلا عن العمل في ألمانيا وكانت تصرف عن البيت, ولكن أيضا على زوج كان كل هذا الوقت يهمها بحبه لها ويغشاها بمشاعره، أتعجل منكم النصيحة جزاكم الله خيراً، ودلوني كي لا أخطو خطوة أغضب بها ربي؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن إيقاع الطلاق مباح من حيث الأصل لقول الحق سبحانه: الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ {البقرة:229}، وقد شرعه الإسلام رحمة بالزوجين عند تعذر بقاء العلاقة بينهما كالإعسار في النفقة وغيبة الزوج وعدم التوافق وسوء العشرة ونحو ذلك من الأمور.
ومن هنا نقول للسائل إن كانت هذه المرأة مصرة على البقاء على دينها ولا تنوي الدخول في الإسلام ونفسك لا تميل إليها فطلاقها قبل أن تلد لك الأولاد أولى، وليس في هذا ظلم لها ، كلا وحاشا ما دام الشرع الحكيم أباح ذلك في حق المسلمة من غير حاجة فهو في غيرها من الكوافر من باب أولى.
وفي حال قررت الطلاق فينبغي أن تدفع لها مالاً مكافأة لها على ما بذلت لك من مالها أيام كنت لا تشتغل، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من آتى إليكم معروفاً فكافئوه. رواه أحمد وأبو داود.
والله أعلم.