عنوان الفتوى : قضاء الابن دين أبيه

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد... أرجو من فضيلتكم إجابة على سؤالي وهو يتكون من شطرين: الأول: توفى والدي منذ سنتين وأنا كبير الأسرة وكان فى وصية والدي أن عليه دينا علينا تسديده بعده، علما بأن الدين يخص رجلا توفي من سنوات وعلي أنا إيصال الدين إلى أهله، علما بأنهم فى بلد غير البلد الذي أقطن فيها أي أن تكاليف السفر فى الوقت الحاضر لا تتسنى لي والوقت أيضا لأنني طالب جامعي ولا أدري ما وضع العلم في هذه الناحية؟ الثانى: أن الوالد رحمة الله عليه قد بعث بالأمانة من سنوات مع شخص لم يوصلها، وأريد الرأي فى هذا الجانب؟ وفقكم الله.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا ترك والدك مالاً يكفي لأداء دينه، فإن الواجب عليك بذل الجهد في قضاء دينه وإيصاله إلى مستحقيه ولو أتى الدين على ماله كله، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وصححه الحاكم والمناوي والألباني وشعيب الأرناؤوط.

ولما رواه البخاري عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بجنازة ليصلي عليها، فقال: هل عليه من دين؟ قالوا: نعم، قال: صلوا على صاحبكم، قال أبو قتادة: علي دينه يا رسول الله، فصلى عليه.

وروى أحمد وابن ماجه عن سعد بن الأطول رضي الله عنه قال: مات أخي وترك ثلاث مائة درهم وترك عيالاً فأردت أن أنفقها على عياله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن أخاك محتبس بدينه فاقض عنه، فقال: يا رسول الله قد أديت عنه إلا دينارين ادعتهما امرأة وليس لها بينة، قال: فأعطها فإنها محقة. وصححه البوصيري والألباني وشعيب الأرناؤوط.

وأما ما ذكرت من عدم قدرتك على السفر بسبب دراستك وعدم توفر تكاليف السفر، فإننا ننصحك بالاستفادة من البنوك والمصارف الإسلامية التي تسهل تحويل المال من مكان لآخر، وقد سبق أن بينا جواز تحويل النقود عبر البنوك الإسلامية في الفتوى رقم: 13357.

وأما قولك (إن الوالد رحمة الله عليه قد بعث بالأمانة من سنوات مع شخص لم يوصلها) فإن كنت تقصد بالأمانة الدين الذي سألت عنه في شطر السؤال الأول، وتسأل هل تبرأ ذمة والدك بهذه المحاولة، فالجواب: أن ذمة المدين لا تبرأ إلا بوصول الدين إلى مستحقه.

وإن كنت تقصد أن الشخص الذي كلفه والدك لم يرجع لكم ما أخذه ولم يوصله لأصحابه، فالجواب: أنه يحق لكم أنتم ورثة والدك المطالبة بإرجاع ما أعطاه والدكم ومحاولة إيصاله من طرفكم إلى أصحاب الدين، فإن أنكر وكانت لكم بينة فيمكنكم رفع الأمر إلى المحاكم الشرعية لاستيفاء حقكم، مع التنبيه أن وجوب إيصال الدين إلى أصحابه لا يتوقف على إرجاع هذا الشخص ما أخذه، لأن ذمة المدين لا تبرأ -كما أسلفنا- إلا بوصول الدين إلى مستحقه.

واعلم أخي السائل أن سعيك في قضاء دين والدك من البر به والإحسان إليه بعد موته، وأنت مثاب ومأجور على ذلك إن شاء الله تعالى.

والله أعلم.