عنوان الفتوى : مذاهب العلماء في الجلوس عند القبر قبل الدفن وأثناءه
ما هي الطريقة الشرعية لاتباع الجنازة ؟ وأيهما أفضل الجلوس أم الوقوف عند عملية الدفن لأنه وقع خلاف بين المشيعين منهم من أمر بالجلوس ومنهم أمر بالوقوف.أفيدوني بالصواب وما يوافق السنة. جزاكم الله خيرا .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 24279، صفة تشييع الجنازة من الركوب والمشي، وأن الركوب مكروه لمن لا يشق عليه المشي، وأن الأفضل للمشاة أن يتقدموا أمام الجنازة، والأفضل للراكب أن يمشي خلفها.
وأما الجلوس عند القبر قبل أن توضع الجنازة عن أعناق الرجال فقد اختلف فيه الفقهاء؛ فكرهه الحنابلة والأحناف، بل ذهب الأحناف إلى كراهة الجلوس حتى تدفن كما سيأتي. وهو جائز عند المالكية، ومحل تخيير عند الشافعية. وأما بعد وضعها عن الأعناق أثناء الدفن فلا كراهة في الجلوس ولا القيام والأمر في ذلك على الإباحة؛ إلا قول بعض الأحناف وقد أشرنا إليه آنفاً. وقد استدل القائلون بكراهة الجلوس قبل أن توضع الجنازة عن أعناق الرجال بما رواه البخاري ومسلم وأبو داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا اتبعتم جنازة فلا تجلسوا حتى توضع. وهذا لفظ مسلم. قال أبو داود: روى هذا الحديث سفيان الثوري عن سهيل عن أبي هريرة قال فيه: حتى توضع بالأرض. ورواه أبو معاوية عن سهيل قال: حتى توضع في اللحد. قال أبو داود: وسفيان أحفظ من أبي معاوية. قال في عون المعبود شرح سنن أبي داود: قد رجح المؤلف( يعني أبا داود) رواية سفيان على الرواية الأخرى -أعني قوله: حتى توضع في اللحد- وكذلك قال الأثرم - أي وهَم رواية أبي معاوية، وكذلك أشار البخاري إلى ترجيحها بقوله: باب من شهد جنازة فلا يقعد حتى توضع عن مناكب الرجال. وأخرج أبو نعيم عن سهيل قال: رأيت أبا صالح لا يجلس حتى توضع عن مناكب الرجال. وهذا يدل على أن الرواية الأولى أرجح لأن أبا صالح راوي الحديث وهو أعرف بالمراد منه، وقد تمسك بالرواية الأخرى صاحب المحيط من الحنفية فقال: الأفضل ألا يقعد حتى يهال عليها التراب. انتهى.
ويدل لجواز الجلوس عند القبر أثناء الدفن حديث البراء الذي رواه أبو داود والنسائي وغيرهما وهو حديث صحيح كما ذكر الألباني رحمه الله تعالى، ورواية النسائي عن البراء: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنازة فلما انتهينا إلى القبر ولم يلحد فجلس وجلسنا حوله كأنما على رؤسنا الطير.