عنوان الفتوى : حكم تصديق من يدعي رؤية الموتى المنعمين والمعذبين في المنام
الرسالة التالية من مكة المكرمة، بعث بها أخونا محمد عبد الحميد محمد حاتم من لواء إب، أخونا يقول: يوجد في قريتنا امرأة تدعي بأن روحها تسرح في المقابر ليلة كل خميس وجمعة أثناء منامها، وتقول: إنها تنظر موتى المسلمين، و: كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ [الطور:21] ومع ذلك فإنها تنظر الرجل أو المرأة الذين كانوا يعيشون على ظاهر الأرض، وانتقلوا إلى عالم الآخرة، فإن كان الرجل في الدنيا قاطعاً للصلاة أو آكلاً لأموال الناس بالباطل، فإن هذه المرأة تنظره وهو يعذب في الآخرة، والرجل الصالح في الدنيا تقول: إنه في الآخرة مع الصالحين، علماً أن هذه المرأة تزعم وتقول: إنها محملة أمانة من الموتى لأهلهم في الدنيا أن يسددوا عنهم ديونهم أو السرقات، فإنهم يعذبون بها في قبورهم، وفعلاً فإن أهل الميت يقضون ديون موتاهم، وفي المرة الثانية تأتي هذه المرأة وقد خفف عنهم العذاب كما تزعم، سؤالي: أفتونا عن رأي هذه المرأة وغيرها من النساء اللائي يدعين هذه الأقاويل، هل هو حقٌ ما ذكر في سؤالي أم أنه كذب وخرافات، جزاكم الله خيرا؟ play max volume
الجواب: هذا وأمثاله لا يعتمد عليه، ولا يجوز تصديقه، ولا الاعتبار به من كل الوجوه، فإنها قد ترى بعض الرؤيا، وتصدق في بعض الرؤيا، وقد ترى رؤيا غير صادقة، وقد تكذب في رؤياها، وقد يخيل إليها الشيطان أشياء لا صحة لها، ولا وجود لها.
فالحاصل أن هذه المرائي التي تدعيها، يدعيها بعض الناس، أو يدعيها بعض النساء، كل ذلك لا يجوز الاعتماد عليه، لا في قضاء الديون ولا في السرقات ولا في غير ذلك، ولكن إذا كانت امرأةً صالحة قد ترى مرائي صالحة، وتصدق فيها، فمثل ما أخبر النبي ﷺ: الرؤيا الصالحة جزء من ستةٍ وأربعين جزءاً من النبوة ويقول ﷺ: ذهبت النبوة وبقيت المبشرات، وهي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له والرؤيا الصالحة من الرجل الصالح لها شأن ولها قيمة، لكن لا يعتمد عليها في تشريع أمور، في إيجاب أمور، أو تحريم أمور، أو تكليف أهل الميت بكذا، أو تحميلهم كذا، أو ما أشبه ذلك، لا؛ لأن هذه المرائي قد تصدق وقد تكذب، وقد يكون الرائي صالحاً، وقد يكون غير صالح، وقد يكون لبس عليه، وقد تأتيه الشياطين فتخيل إليه أشياء، يزعم أنه رآها في النوم.
فالمقصود أن هذه المرائي وأشباهها، لا يعول عليها، ولا يعتمد عليها في أن فلاناً يعذب، أو فلان ينعم، أو فلان عليه دين يوفى عنه، أو فلان ليس عليه دين، أو ما أشبه ذلك، لا.
لكن أهل الميت ينبغي لهم أن يراعوا ميتهم، إن كانوا يعلمون عليه شيئاً من الديون أوفوا من تركته، أو من مالهم إذا أعانهم الله على ذلك، وهذا عمل طيب، وإذا كان قد سرق سرقة من الناس يعرفونها، أدوها عنه من ماله إن كان له مال، وإن كان ما له مال وأدوا عنه، فجزاهم الله خيراً.
المقصود أن أهل الميت يلاحظون ميتهم، فإن كان عليه ديون أو حقوق للناس أدوها من تركته، أو أدوها من مالهم إن كان ما عنده تركة، واحتسبوا الأجر في ذلك، أو عنده مال ولم يسمح الورثة، فإذا أدى عنه بعض أحبابه، وبعض أصحابه احتياطاً، فهذا حسن، وأما الاعتماد على هذه المرائي فلا يعتمد عليها.