عنوان الفتوى : تصدق المرأة بكل مالها بغير إذن زوجها
سبق أن أرسلت سؤالا لي وتمت إجابته بعونكم، وكان سؤالي: خطيبتي تريد بعد زواجها أن تنفق جميع مرتبها بالكامل تبرعا لأناس فقراء فعليين، أنا لن أتأخر عن سداد زكاتي أو زكاتها، كما أنني لا أبخل على أي فقير، ولكنني عارضتها حيث إنني أخبرتها أن ذلك تبذير وقد نحتاج نحن أو أولادنا هذا المبلغ الذي يصرف بالكامل شهريا، نظرا لصعوبة الأيام واحتياجاتها، أؤكد سيدي أنني لا أعارض أبدا أن تتبرع للفقراء ولكن ليس بالمبلغ كله أليس كذلك يا سيدي؟ قلت لها تنفق ربع المبلغ عليهم بجانب إنفاقي أنا عليهم، كما أنني أنوي ألا أمس جنيها واحدا من مرتبها فهو من حقها بالكامل، أرجو من سيادتكم إعطاء النصح في هذا الموضوع لأنه قد يسبب حساسية بيني وبين خطيبتي التي أحبها بشدة، وكانت من ضمن إجابتكم: لها أن تصرف الثلث فقط، وأن أرادت أكثر فلها أن تستأذن زوجها، المهم لو صرفت باقي مرتبها رغما عن زوجها فهل ذلك يدخل في نطاق الحرام، أي أنها فعلت شيئا يحاسبها الله عليه؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فجمهور أهل العلم على استحباب أن تستأذن الزوجة زوجها فيما تنفقه من مالها ولا يجب عليها ذلك، أي أن عدم استئذانها ليس حراماً، وهذا هو الراجح لعموم قول الله تعالى: حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ {النساء:6}، وراجع الفتوى رقم: 2221.
فما دامت بالغة رشيدة فلها التصرف في مالها بما تشاء من التصرفات ما لم يكن محرماً، وذهب الإمام مالك إلى أن لها التبرع بالثلث فما دونه، وأما ما زاد عليه فلا بد فيه من إذن الزوج، وقد ذكرنا أقوال أهل العلم في ذلك مع بيان الراجح في الفتوى رقم: 9116.
أما طلبك النصح في هذا الموضوع فنقول للأخت إن الأولى أن تمسك بعض مالها، ففي الصحيحين من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله ورسوله، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أمسك بعض مالك فهو خير لك. كما أن الأولى أن تستأذن زوجها في إنفاق ما زاد على الثلث، لما في ذلك من صيانة العشرة بين الزوجين ودوام استمرارية الحياة الزوجية وسعادتها واستطابة نفس الزوج، وكل ذلك أمر يرغب فيه الشارع ويحث عليه كثيراً.
والله أعلم.