عنوان الفتوى : لا تعلقي نفسك برجل معين
لقد سبق وأن أرسلت لكم عن قضية، أني محتارة بين خطيبين، أحدهما منشد ديني يرغب في الزواج من فتاة مسلمة في أقل من غضون سنة، ولا تهمه الجنسية المهم الديانة وبين شخص آخر أعرفه في نطاق الجامعة، لا يعيبه شيء وأهلي يعرفونه لكنه مازال طالباً ويحتاج إلى أكثر من 3 سنوات ليستقر، وكان ردك يا سيدي الشيخ بأن الأفضل من يريد الزواج أولاً، ولا يهم إن كان منشداً وليس من نفس البلد، هذا المنشد كان قد فاتحني في الموضوع بجدية، وأنه يريد أن يرضي الله والرسول كونه قادراً مادياً على الزواج، وقد رأى توافقا بيننا، لذا كان من المفترض أن يأتي إلى بلدي ليتعرف على أهلي وعلي، لكي أبدأ بعدها بمحادثتهم بالموضوع، إذ أنني لا أعرف ماذا سيكون رأيهم بعد، المهم كان لديه عمل على أساس أنه في أول شهر كانون الثاني سيأتي، أرسل لي بريداً إلكترونياً يقول فيه إنه من الأفضل أن لا نستمر في هذا الموضوع، لأنه قد جلس مع بعض الشيوخ ونصحوه بأن يهتم بدينه أكثر وأنه لن يكون لديه الوقت لمسؤولية جديدة، فهو لديه الدعوة ليبلغها ودراسة الدين الإسلامي وإنه في بلد آخر... و.... و... يعني المناقض لما كان يقول سابقاً وأقنعني به، أنا بصراحة احترمه جداً، وأحترم رغبته وإن كنت لست مقتنعة بها، فهو كان يقول لي إن الزواج نصف الدين، لذلك هو يرغب في الزواج، أنا أصلي وأدعو ربي في كل صلاة بأن يجعله من نصيبي، لأن الله شاء لي أن أعرفه بطريقة غريبة، ولا تحدث فقد كانت بالمصادفة ودون سابق ترتيب، بل حتى حينها لم يخطر ببالي أنه من الممكن أن يكون لي نصيب فيه، أنا أدعو الله بأن يرسل لي الزوج الصالح الذي سيقربني من ربي أكثر وأكثر، وأدعوه بأن يجعله هذا الإنسان، لا أريد أن أقول هراء، ولكنه بحديثه لمس الجانب النائم لدي، فأصبحت أكثر تعلقاً بالدين وأكثر رغبة بالتعمق فيه، مع أني أرغب في أن يحدث ذلك بمعونته، لا أدري لماذا قرر الابتعاد، فهو متواضع وتقي، لا أظن ابتعد لأني إنسانة عادية لست مشهورة، ولكن القرار الأخير قد أثر في بشدة، فقد كنت أتمنى أن يحصل، وبالأخير صار وهما... أرجوك يا شيخنا أن تقول لي، لماذا فعل ذلك، وماذا أفعل، فأنا مازلت أدعو ربي بأن يهديه ويهديني ويجعله من نصيبي، أنا محتارة ومتضايقة، لا أملك القدرة على التفكير الصواب، لأنه بالفعل كان مثالاً للشخص الذي أتمناه، أرجوكم أجيبوني؟ جزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلمي أيتها الأخت الكريمة أن رزقك قد قدره الله لك قبل أن يخلقك، ومن ذلك الزواج أو عدمه، والأولاد أو عدمهم وهكذا، فكوني على ثقة بربك، وأكثري من الدعاء واهتمي بطاعة ربك، ولا حرج على المسلمة المؤمنة أن تطلب رجلاً فيه الصلاح والخير للزواج بها، فقد فعل ذلك بعض الصحابيات، أو يقوم وليك بعرضك على الرجل الصالح، فقد عرض عمر رضي الله عنه بنته حفصة على أبي بكر ثم على عثمان ثم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
واعلمي أن إعراض هذا الرجل عن الزواج قد يكون خيراً لك، ففي الحديث عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عجبت للمؤمن لا يقضي الله له شيئاً إلا كان خيراً له. رواه ابن حبان في صحيحه، قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه أحمد وأبو يعلى بنحوه إلا أنه قال: تبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: فذكره ورجال أحمد ثقات، وأحد أسانيد أبي يعلى رجاله رجال الصحيح غير أبي بحر ثعلبة وهو ثقة. انتهى.
والصالحون غير هذا الرجل كثير، فلا تعلقي نفسك به، نسأل الله أن ييسر لك أمرك، ويمن عليك بالزوج الصالح، والحياة السعيدة العامرة بطاعة الله.
والله أعلم.