عنوان الفتوى : تفسير قوله تعالى (ولا تبخسوا الناس أشياءهم)
إذا عرضت سيارتي للبيع وأتاني أحد تجار السيارات المستخدمة وعرض علي سعرا يساوي نصف قيمتها في وقتها، وقال إن هذا سعرها في السوق ولا تستحق أكثر، مع العلم بأنهم يشترون السيارات بمبلغ زهيد ويبيعون بأرباح طائلة، فهل يعتبر ذلك من بخس الناس أشياءهم، أرجو التفصيل؟ وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الله تعالى يقول: وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ {الشعراء:183}، قال القرطبي: البخس النقص وهو يكون في السلعة بالتعيب والتزهيد فيها أو المخادعة عن القيمة والاحتيال في التزيد في الكيل والنقصان منه، وكل ذلك من أكل المال بالباطل. انتهى.
وقال الشوكاني: وفيه النهي عن البخس على العموم.
وعليه فقول التاجر عن سيارتك إنها تساوي كذا، أي النصف من سعرها في السوق يُعد بخساً لا يحل له تعاطيه ولا اتخاذه وسيلة للبيع والشراء، وليتأمل هذا التاجر وأمثاله حديث جرير بن عبد الله الذي رواه مسلم قال: بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم.
قال النووي: روى الحافظ أبو القاسم الطبراني بإسناده أن جريرا أمر مولاه أن يشتري له فرساً فاشترى بثلاث مائة درهم وجاء به وبصاحبه لينتقد الثمن، فقال جرير لصاحب الفرس فرسك خير من ثلاثمائة درهم أتبيعه بأربع مائة درهم.. ولم يزل به حتى بلغ ثمان مائة درهم فاشتراه بها فقيل له في ذلك فقال: إني بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم. انتهى.
هذا وإن كان هؤلاء التجار لا يريدون نصح البائع فلا أقل من أن لا يعمدوا إلى غشه والكذب عليه وإلا فليبشروا بالمحق لأموالهم، ففي الحديث: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما. رواه البخاري.
والله أعلم.