عنوان الفتوى : حرمة المسلم لا يزيلها الطلاق ولا النزاع
شيخي الفاضل حفظك الله.طرح الموضوع : مضت 32 شهرأ على طلاقي من زوجتي(مسلمة عربية) ولي منها بنت تبلغ من العمر3 سنوات و8 أشهر، مشكلتي معها أنها تريدني أن أدفِّع أغلى ثمن لطلاقي لها وأن تراني في أسوأ حال ممكن ولو على حساب ابنتنا، فعوض أن تسأل الله سبحانه أن يأجرها في مصابها ويبدلها من هو خير مني عمدت إلى تحويل ابنتي في آنٍ واحد إلى حقل وسلاح لمعركتها مستقدرةً عليَّ بقدرة قانون بلاد الإقامة وبضبط نفسي، وذلك بشكل تدريجي وتصاعدي على النحو التالي مكتفياً فقط بما يتعلق بابنتي:أ ـ مراسلة شرطة الأجانب، مستغلة درجة وضعي القانوني، متوخيّة من وراء ذلك ترحيلي من البلاد [نقيم في نفس البلاد الغربي]ب ـ نقض العهود والمواثيق، مكتوبة ومصدقة، التي بيْنَنا فيما يخص ابنتنا والتي عليها تم الطلاق، وضرب بها عرض الحائط .ج ـ منع ابنتي مني ومن دون مبرر شرعيد ـ محاولات استفزازية وفي حضور ابنتنا حتى ألجأ إلى الضربهـ ـ تقليص وتحجيم وتهميش دوري كأب، وكأن ابنتنا لا أب لها، فلا هي تطلعني على المكان الذي تضعها فيه لما تشتغل وإذا سافرت خارج البلاد تترك ابنتي مع امرأة أجنبية ولا تطلعني على ذلك!و ـ رفض تام وقاطع أن أتقاسم معها مدة إقامة ابنتنا والإصرارعلى وضعها في روض الأطفال تحت رعاية غيرمسلمات ومن لسن قدوة، علماً بأنه لدي الوقت الكافي لرعايتها والتعليم في هذه المرحلة ليس إجبارياً، فلم يعد لي أي نصيب في تربية ابنتي!ز ـ إيغار صدر ابنتي علي و حملها على كراهيتي [تصفني ابنتي بالوحش والأحمق، تقول لي، أبي أحمق أو أبي وحش] وكراهية أسرتي، والدتي، أختي وأخي بل وكراهية الملابس التي نشتريها لها بإيغار صدرها عليناتفعل كل ذلك ولم ترعو أو تفكر في العواقب الجد سلبية على نمو وسلوك ابنتنا وإفسادها علي، هذا وإذا ما نبهتها كتابياً إلى سلوكيات غريبة أو غيرمحمودة لابنتي زادت من حدَّة فعلها مع رفض لكل رسالة مني حول الموضوع، الأمر الذي جعلني أتفادى إبداء ملاحظاتي وتناست حسن معاملتي وتربيتي ورعايتي لولديها من زواج سابق فكان جزائي جزاء "سنمار"، وحتى لا يشتد الأمر على ابنتي وحتى تنمو نمواً سليما وطبيعيا إلى حدٍّ ما ومن غير ازدواجية في شخصيتها وما يترتب على ذلك من عواقب جد وخيمة، وأخذاً بقاعدة درء المفسدة وجلب المصلحة من غير تنصل أو هروب من المسؤولية قررت، بعد الدراسة والتحليل، وعلى كُرهٍ ومضض والأمر يحز في نفسي ويكسر قلبي (مع أنه لدي شعور قوي أنها تجد قراري هذا فرصة لاتهامي بالتخلي والتقصير في حق ابنتي وذلك ليس حباً فيها وحرصا على مصلحتها ولكن نكاية فيَّ وتبريرا لها بأني لا اهتم بابنتي)، أن أبتعد عن ابنتي عسى والدتها ترعوي وتتخلى عن اتخاذها أداة لتنفيس ما بها من كرهٍ وحقد وبالتالي تهتم حقاً بحسن تربيتها ورعايتها والله أعلم، سؤالي: هل يحق لي شرعاً أن أفعل ذلك؟ وبم تنصحونني خصوصا وأن كل الجهود باءت بالفشل وحتى الوسائط أصبحت تعتذر عن التدخل، أود جواباً شافياً؟ وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنما ذكرت من سوء أخلاق هذه المرأة وتصرفاتها معك يعتبر من أخف الآثار السلبية التي تترتب على الإقامة في البلاد الكفرية، أضف إلى ذلك الاستسلام والخنوع لتلك القوانين الوضعية بحكم الإقامة في ذلك البلد والتي من أبسط الأضرار المترتبة على العمل بمقتضاها إعطاء الحبل على الغارب للمرأة والسفيه والصبي، لذا فإنا ننصح أولا وقبل كل شيء بالهجرة من تلك البلاد لمن لم تدعه لها الضرورة أو الحاجة التي لا تندفع إلا بها.
ثم نقول إن إنهاء الحياة الزوجية وقطع العلاقة الأسرية لا يعني قطع الإخوة الإسلامية ولا يهون من شأن حرمة المسلم ولا يبيح الاعتداء على عرضه والتقصير في حقه، بل إن حرمة المسلم وكذلك حقه على أخيه المسلم لا يزيلها الطلاق ولا النزاع الذي قد يقع بين أفراد المسلمين، بل إن الوصلة التي كانت بين الزوجين وإفضاء بعضهما إلى بعض تقتضي شيئاً من بقاء الود والتسامح أكثر مما هو بين أفراد المسلمين الذين لم تربطهم تلك العلاقة ولذلك قال الله عز وجل مخاطباً المطلق ومطلقته حاثا لهما على التسامح ومرغبا لهما في عدم الاستعفاء في حقيهما: وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {البقرة:237}، وعليه فلتعلم تلك المرأة أو غيرها من مثيلاتها أنه لا يجوز لها أن تعتدي على حق مطلقها في زيارة ابنته وتعاهدها والإنفاق عليها وكسوتها، كما لا يجوز لها أيضاً أن تربي البنت على نحو ما ذكر بل يجب عليها تنشئتها نشأة إسلامية وتربيتها تربية صالحة، يأتي في مقدمتها بر الوالدين واحترامهما.
علما ً بأن أهل العلم قالوا إنه لا حضانة لفاسق ولا لفاسقة، فمن كان فاسقا سواء كان أم الولد أو غيرها سقطت حضانته وانتقلت إلى من يتولاها بعده، ولكن أين تطبيق هذا في بلاد لا تقيم شرع الله تعالى ولا يحكم فيها بحكمه.... لذا فإنا ننصح الأخ بمحاولة وصوله إلى زيارة ابنته والإنفاق عليها بكل الوسائل الممكنة بل وأخذها من حضانة تلك المرأة إن لم تكن أهلاً للحضانة إن استطاع ذلك، ولم تترتب عليه مفسدة أعظم من مفسدة بقائها في حضانتها، والله تعالى يوفقنا جميعاً لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.