عنوان الفتوى : إذا لم يوجد الولي الصالح يعتبر القاضي وليا
أعرف جزاكم الله خيرا صديقاً عزيزاً أقدم على الزواج من شابة عربية قابلها أثناء دراسته في الخارج و بدون علم وليها وقد عقد عليها في المركز الإسلامي في بلاد غربية وقد بينت له أن هذا زواج باطل لعدم اكتمال الشروط ولكنه أصر على أن ما أقدم عليه كان من باب التحصين له ولها من الزنا في بلاد الغرب ويعتقد أن والد الفتاة الذي سمح لها أن تذهب بمفردها وبدون محرم وتسكن مع عائلة غير مسلمة بينما أهلها في دولة عربية لا يستحق أن يؤخذ رأيه في أمر زواجها حتى أنه لا يتصل للاطمئنان على حالها إلى أن ذكر أنها كانت خائفة على نفسها وقد وافقت على الزواج دون تردد
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا نكاح إلا بولي" أخرجه ابن حبان والحاكم وصححه،. وقال أيضاً " أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل ، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له " رواه الخمسة إلا النسائي. وقد دل هذان الحديثان على أن النكاح لا يصح إلا بولي، ولا تملك المرأة تزويج نفسها ولا غيرها، وأحق الناس بتزويج المرأة أبوها ثم أبوه وإن علا، ثم ابنها وابنه وإن سفل، ثم أخوها الشقيق ثم الأخ لأب ثم أولادهم وإن سفلوا ثم العمومة.
وإذا سقطت ولاية الأقرب زوجها الذي يليه وإن سقطت ولايتهم جميعاً فإن السلطان هو الذي يزوجها ويقوم مقامه القاضي لقوله صلى الله عليه وسلم: " فالسلطان ولي من لا ولي له". وما دام أهل هذه المرأة موجودين فهم أحق بتزويجها، ولا يجوز لها أن تولي غيرهم عقد نكاحها، ولا يجوز لمن يخطبها أن يقبل أن يلي عقدها غيرهم، إلا إذا ثبت أن أولياءها غير أكفاء لفسق ظاهر،أو أنها لا ولي لها وقد جاءها كفؤها في الدين، فالمسألة حينئذ تصبح هنا محل نظر القاضي، أو من يقوم مقامه إذا كنتم في بلد غير إسلامي،
ثم إن كون والد هذه الفتاة تركها ملقاة الحبل على غاربها تسافر حيث تشاء وتسكن مع من تشاء بدون محرم، لا شك أن هذا التصرف مسقط لعدالته، ودليل على ضعف إيمانه وانعدام الغيرة من قلبه. ومن سقطت عدالته سلب الولاية على موليته على ما ذهب إليه كثير من العلماء، ولكن يبقى السؤال هل لها غيره من الأولياء، أم ليس لها غيره.
فإن كان لها ولي صالح غير هذا الأب الساقط العدالة، فلا يصح نكاحها بدونه كما تقدم في الحديث السابق، الذي تلقاه الجمهور من العلماء بالقبول والعمل بمقتضاه، أما إذا لم يكن للمرأة تلك ولي صالح ورغب في النكاح منها كفؤها، ورأت جماعة المسلمين في المركز الإسلامي، -كما ذكر السائل- أن في عقد الزواج بينهما مصلحة، فلا حرج في هذا الزواج حينئذ وهو ماض.
أما نصيحتنا للمسؤول عنه ولغيره فتتمثل أولاً بالأمر بامتثال أمر الله عز وجل، والكف عن معاصيه والوقوف عند حدوده، ولا يفوتنا أن ننبهه وغيره من الشباب الذي هم بصدد الدخول في الحياة الزوجية أن الواجب عليهم عند إرادة الزواج هو اختيار الزوجة الصالحة ذات الدين لتتحقق المودة والرحمة، وينشأ الأولاد نشأة التقوى والخلق الفاضل. قال تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) [الروم: 21].
والله أعلم.