عنوان الفتوى : حكم النذر بقسميه
ما حكم النذر في القرآن الكريم؟هل هو مكروه أم لا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النذر عبادة قديمة، وقد ذكره القرآن الكريم في عدة مواضع، فأخبر أن أم مريم نذرت ما في بطنها. فقال: (إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محرراً فتقبل مني إنك أنت السميع العليم) [آل عمران: 35].
وأمر به مريم فقال: (فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوماً) [مريم: 2].
وقال: (وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه) [البقرة: 270].
وقال: (ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق) [الحج: 29].
وفي الحديث المتفق عليه "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصه فلا يعصه" فهذه الآيات وهذه الأحاديث تدل على مشروعية النذر في الإسلام، وهو ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: نذر يلتزم صاحبه بحصوله على غرضه مالاً يخرجه أو ذبحاً يذبحه. وهذا النوع مكروه، ومن العلماء من قال بتحريمه. والدليل على كراهته أو حرمته حديث ابن عمر المتفق عليه وهو أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن النذور وقال: "إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل". فقوله صلى الله عليه وسلم: "إنه لا يأتي بخير" يصير إخراج المال فيه من باب إضاعته وهي محرمة كما هو معروف.
القسم الثاني من أقسام النذر : هو ما كان كالصلاة أو الصيام أو الزكاة أو العمرة أو نحو ذلك من أنواع الطاعات. وهذا لا يدخل في النهي، يدل عليه ما أخرجه الطبراي بسند صحيح عن قتادة في قوله تعالى: (يوفون بالنذر) [الإنسان: 7].
قال: كانوا ينذرون طاعة الله من الصلاة والصيام والزكاة والحج والعمرة وما افترض عليهم.
فسماهم الله تعالى أبراراً.
والوفاء بالنذر بقسميه واجب، وترك الوفاء به محرم، إلا نذر المعصية، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه" فقوله: فليطعه أمر، وهو للوجوب. وقوله: فلا يعصه. نهي وهو للتحريم.
والأولى بالمسلم أن يجتنب إلزام نفسه بما قد يعجز عنه. وما يتوهمه بعض الناس من أن النذر يحقق له ما لا يتحقق بدونه من شفاء مريض أو رد غائب أو نحو ذلك غير صحيح. والله أعلم.