عنوان الفتوى : زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم تأتي تبعا لزيارة مسجده
فضيلة الشيخ: سؤالي الأول: لو سمحت بعد أداء الحج أو العمرة ثم الذهاب إلى المدينة المنورة ما هو الصواب أن نقول الذهاب للصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم أو زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم؟ سؤالي الثاني: بعد سنين طويلة في أوروبا لا قدرة لي على السفر لرؤية الوالدين أو الحج وبعد ما تحسنت الأمور للسفر وكان وقت الحج هل الأولى حج بيت الله الحرام لأول مرة أو زيارة إلى البلد لأول مرة لرؤية الوالدين، وهم كبار؟ جزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
1- فإن السنة هي قصد مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بالزيارة وليس القبر الشريف لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى. متفق عليه.
فيقصد زيارة مسجد النبي وزيارة القبر تأتي تبعاً فهي مستحبة في حق من زار مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم أو كان قريباً منه أما البعيد فليس له شد الرحال إليه وبدون قصد زيارة المسجد، قال ابن تيمية: ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم حديث في زيارة قبره بل هذه الأحاديث التي تروى: من زارني وزار أبي في عام واحد ضمنت له على الله الجنة. وأمثال ذلك كذب باتفاق، وقد كره الإمام مالك -وهو أعلم الناس بحقوق رسول الله صلى الله عليه وسلم وبالسنة التي عليها أهل مدينته من الصحابة والتابعين وتابعيهم- كره أن يقال زرت قبر رسول الله... وأما إذا سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا لا يكره بالاتفاق كما في السنن عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما من رجل يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه. وكان ابن عمر يقول: السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا أبا بكر السلام عليك يا أبتِ. انتهى.
فالسفر لزيارة قبور الأنبياء والصالحين بدعة لم يفعلها أحد من الصحابة ولا التابعين ولا أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا استحب ذلك أحد من أئمة المسلمين، فمن اعتقد ذلك عبادة وفعله فهو مخالف للسنة ولإجماع الأئمة. ذكره ابن تيمية عن أبي عبد الله ابن بطة في الإبانة الصغرى، وراجع في ذلك فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 27/187.
قال ابن باز: ولو كان شد الرحال لقصد قبره صلى الله عليه وسلم أو غير قبره مشروعاً لدل الأمة عليه وأرشدهم إلى فضله لأنه أنصح الناس وأعلمهم بالله. انتهى.
وأما بخصوص سؤالك الثاني فاعلم أن الحج واجب على الفور عند تحقق شروطه في أصح قولي أهل العلم وهو مذهب أبي حنيفة في أصح الروايتين عنه وأبي يوسف ومالك في الراجح عنه وأحمد ومن أخره يكون آثماً واحتجوا بأدلة منها ما رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أراد الحج فليتعجل فإنه قد يمرض المريض وتضل الراحلة وتعرض الحاجة. صححه الألباني.
وذهب الشافعي ومحمد بن الحسن إلى أنه واجب على التراخي ويجوز تأخيره بشرط العزم على الفعل، فعلى القول الأول -وهو الراجح- فالواجب عليك الحج أولاً مع استرضاء والديك والسفر إليهما متى تيسر لك الحال.
والله أعلم.