عنوان الفتوى : بيع العربون وحكمه
هل يعتبر العربون الذي يقدمه المشتري للبائع لحجز البضاعةالمراد شراؤها حلالا للبائع إذا تراجع المشتري عن الشراء؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا تم الاتفاق بين البائع والمشتري سواء كان بنكاً أو شخصاً أو غير ذلك على بيع السلعة، وأخذ البائع مقابل ذلك مقدماً ( وهو العربون) ثم بعد ذلك رجع المشتري في الصفقة، فقد اختلف أهل العلم في مصير العربون أهو للبائع أم للمشتري؟ فذهب جمهور أهل العلم إلى أن بيع العربون لا يصح فلا يجوز للبائع أخذه وعليه رده للمشتري، وممن قال بهذا مالك والشافعي وأصحاب الرأي، ويروى ذلك عن ابن عباس والحسن، لما رواه أحمد والنسائي وأبو داود عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع العربان". والعربان بضم العين هو العربون.
وذهب أحمد إلى حله للبائع إن اتفقا على ذلك، بأن يقول: إن أخذت المبيع وجئت بالباقي وقت كذا وإلا فهو لك، ومما استدل به ما أخرجه عبد الرزاق في مصنفه عن زيد بن أسلم أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع العربان فأحله. ولما روي عن نافع بن عبد الحارث "أنه اشترى لعمر دار السجن من صفوان بن أمية، فإن رضي عمر وإلا فله كذا وكذا".
فإن اتفقا على شيء، أو جرى العرف بين البائع والمشتري على أمر ما في شأن هذا العربون أو المقدم عند رجوع المشتري في صفقته رجعا إليه، وكان ما اتفقا عليه وتراضيا هو الفاصل بينهما، وكذا العرف الجاري.
وإن لم يتفقا على شيء ولم يكن ثم عرف متداول في هذا الشأن وحدثت بينهما مشاحة، بسبب تفويت المشتري على البائع إنفاق سلعته، وكان في ذلك مضرة على البائع، وكان البيع قد تم أو تواعدا لإتمامه بالكتابة والتوثيق، فإن للبائع أن يقدر أتعابه وما فات عليه، وعلى المشتري أن يلتزم له بذلك، ويكون ما يأخذه البائع في ذلك مقابلا لخسارته، وإن لم يتم البيع، ولا يكون من باب العربون. وللبائع كذلك أن يلزم المشتري بإمضاء البيع ويمسك العربون، من باب الضمان لحقه إلى أن يتم بيع السلعة لحساب المشتري، ومن ثم يقبض البائع ثمن سلعته، ويرد على المشتري الأول ما بقي من ثمنها.
والله أعلم.