عنوان الفتوى : أقوال العلماء في ما تستحقة المرأة المطلقة قبل الدخول
أرجو من سيادتكم التكرم بالإفادة في الموضوع التالي: لقد قمت بعقد قراني على إحدى النساء وكان الاتفاق على أساس أن نقوم بتأسيس الشقة مناصفة بيني وبينها فأعطيتها مبلغ خمسة آلاف دولار على أن تقوم هي بدفع مبلغ مماثل عند شراء الأثاث وأحضرت لها شبكة عبارة عن خاتم ألماس وطقم ذهب، لكن بعد هذا الاتفاق وقبل عقد القران شعرت بعدم الرغبة في إتمام هذه الزيجة فلم أكن أشعر بأنها الإنسانة التي أرغب في أن تكون زوجتي بل من الممكن أن تكون أختي أو أي شيء آخر، المهم أنه بعد ضغوط كثيرة من الأهل قمت بتنفيذ الاتفاق مع أهلها، وتم عقد القران ولكني بعد ذلك شعرت بالتعاسة والندم فنصحني الأهل بالاقتراب منها والانفراد بها فازداد الأمر سوءا وزاد حزني فقررت الانفصال عنها ولكن ضغوط الأهل والمحيطين جعلتني أرجئ قراري هذا وقد حاولت هي بشتى الطرق أن تجعلني أعدل عن هذا القرار وأخذت تحدثني عن ترتيبات الزفاف، ولكني شعرت بأن الطلاق الآن أفضل من حدوثه بعد الزفاف وتم الطلاق بعد شهرين ونصف من عقد القران وكان العقد ينص على أن يكون المهر عاجله واحد جنيه وآجله عشرون ألف جنيه، وقد حاولت هي إقناعي بأن من حقها كل شيء من شبكة ومهر وهدايا وحتى الخمسة آلاف دولار في حين أنني كنت أعتقد في حينها بأن من حقها الشبكة والمهر وليس من حقها الخمسة آلاف دولار، حيث إنها كانت مخصصة لشراء نصف الأثاث عندما يحين وقت الزفاف، اقترحت عليها أن أترك لها الخمسة آلاف دولار وهو ما يوازي خمسة وثلاثين ألف جنيه، وهذا بدلا من العشرين ألف جنيه ولكنها أصرت فرأيت أن أكتب لها وصل أمانة بالعشرين ألف جنيه عسى أن تتراجع أمام موقفي هذا معها وأن تهدأ نفسها بعد ذلك، فكانت سعيدة بتصرفي هذا وأخبرتني أنه يستحيل أن يرى أحد هذه الورقة حتى أنني لم أخبر أهلي بهذا، ولكن بعد الطلاق بأسبوعين طالبتني بالعشرين ألف جنيه وقامت برفع قضية دون علمي تطالبني فيها بهذا المال وسارت إجراءات القضية دون علمي وطبعاً كسبت القضية وللمحامين أساليب كثيرة ملتوية في هذا المجال (إنذارات أمريكاني كما يسمونها) قام أهلي بالتحدث إليها فقالت لهم إنها تريد الانتقام مني، وأنها لن تستغل هذه الأموال، وأنها سوف تقوم بالتصدق بها، فهل هذا من حقها، لقد تركت الخمسة آلاف دولار وهي ما يوازي خمسة وثلاثين ألف جنيه، وهذا أكثر من حقها بخمسة عشر ألف جنيه عملا بالآية "ولا تنسوا الفضل بينكم" ولكنها لم تقتنع بهذا وتريد أيضا العشرين ألف جنيه، وهي تقول بأن أحدهم قد أفتى لها بهذا وأنا لا أدري، وكيف يكون هذا من حقها وهي بكر كما هي، ومكتوب لها في ورقة الطلاق أنها بكر ولم يختلي بها وإلا فما الفرق بينها وبين التي تم زفافها ولم تعد بكراً ثم طلقت، لقد قمت الآن برفع قضية ضدها أطالبها بالخمسة آلاف دولار حيث إنها أخذت حكما ضدي بالعشرين ألف جنيه، وقد بدأت هذا الموضوع كله وأنا ابتغي من الله تعالى أن نترك بعضنا بالمعروف وكتبت لها على نفسي ورقة بالعشرين ألف جنيه لعل نفسها تهدأ بثقتي فيها ولكنها أبدا لا تهدأ، وبدلا من أن نترك بعضنا بالمعروف، نحن الآن في المحاكم، أرجو منكم يا فضيلة المفتي أن توجه رسالة إلى المخطئ فينا وأن توجهنا إلى حكم الشرع في هذه المسألة وأن تبين لنا الأوجه المختلفة لتفسير معنى الخلوة بالزوجة ومستحقات الزوجة في حالة الكشف عن شعرها وفي حالة لمسها وفي حالة الزفاف (الدخول) وأن تبين إذا كان هنالك عدة آراء في هذا الخصوص، وجزاكم الله خيراً؟ إذا كان الرد هو أنني على صواب، فسوف أرسل إليها هذا الرد لعلها تهتدي به ولتكون على بينه من أمرها؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبما أن موضوعكما قد وصل إلى المحاكم، فإنه سيحل الحل النهائي، وأما فتوى كهذه التي نعدها نحن، فيمكن أن تساهم في حل المسألة لو أن الموضوع لم يبلغ بعد القضاء الشرعي، وعلى كل حال، فالمرأة إذا طلقت قبل الدخول، فإنها تملك نصف المهر، قال تعالى: وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ {البقرة:237}.
وإذا خلا الزوج بالزوجة خلوة يمكن فيها الوطء عادة، وقد مكنته من نفسها، فإن هذه الخلوة يكمل بها المهر على المرجح من أقوال العلماء، وهذا هو مذهب الحنابلة والأحناف، وبه قال كثير من أهل العلم، وراجع فيه الفتوى رقم: 22144.
وعند المالكية والشافعية أنهما إذا تصادقا على نفي الوطء، فإنما يلزم الزوج نصف المهر فقط ولو حصلت خلوة بينهما، وإذا كانت الشبكة التي أعطيتها تعتبر من المهر عندكم، فإنها تتشطر بالطلاق قبل الدخول، وإن كانت مجرد هدية فإن الزوجة تملكها ولو طلقت قبل البناء، وراجع في هذا الفتوى رقم: 1955.
وإذا كشف الزوج عن شعر زوجته أو لمسها أو تلذذ بها من غير خلوة، فإن المهر يتكمل عليه عند من يقول بأن مجرد الخلوة يتكمل بها المهر، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: إذا نال منها شيئاً لا يحل لغيره فعليه المهر.
وأما الذين لا يوجبون المهر إلا بالوطء فيقولون بعكس ذلك. قال الحطاب في مواهب الجليل: وأما القبلة والمباشرة والتجرد والوطء دون الفرج فلا يوجب عليه الصداق...
والحاصل أنك إذا كنت أعطيت لهذه المرأة الخمسة آلاف دولار التي كانت أصلاً لتأسيس الشقة، وهي أكثر من صداقها، وأعطيتها الشبكة كذلك، فإنك بذلك أعطيتها أكثر من حقها ولو كنت دخلت بها دخولاً حصل فيه وطء أو لم يحصل، فما أخذته زيادة على ذلك يعد ظلماً.
والله أعلم.