عنوان الفتوى : أحكام الشريعة تتلاءم مع كل عصر ومكان
ترد الأحكام الواردة حول المرأة في الإسلام إلى ظروف تاريخية أي لا يمكن أن تتلائم مع عصرنا الحاضر كما أورد الطاهر الحداد المفكر التونسي. فإلى أي مدى تصح هذه المقولة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن هذه المقولة غير صحيحة، ومحض افتراء وهي من أقوال أهل الحداثة الذين يردون الشرع جملة لا ما يتعلق بالمرأة فقط، وهذا الحداد واحد منهم، وقد حكم عليه مفتي المالكية بتونس بالردة بسبب هذه الأطروحات، أما أحكام الإسلام فهي ثابتة صالحة لكل زمان ومكان. قال تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا {المائدة: 3}. قال ابن كثير: هذه أكبر نعم الله تعالى على هذه الأمة، حيث أكمل تعالى لهم دينهم فلا يحتاجون إلى دين غيره، ولا نبي غير نبيهم، ولهذا جعله الله تعالى خاتم الأنبياء وبعثه إلى الإنس والجن، فلا حلال إلا ما أحله، ولا حرام إلا ما حرمه، ولا دين إلا ما شرعه، وكل شيء أخبر به فهو حق وصدق، لا كذب فيه ولا خلف، كما قال تعالى: وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا {الأنعام: 115}. أي صدقا في الأخبار وعدلا في الأوامر والنواهي، فلما أكمل لهم الدين تمت عليهم النعمة، وَرَضِيتُ لَكُم. أي فارضوه أنتم لأنفسكم فإنه الدين الذي أحبه ورضيه وبعث به أفضل الرسل الكرام وأنزل به أشرف كتبه. اهـ.
قال أبو محمد بن حزم: واتفقوا أنه مذ مات النبي صلى الله عليه وسلم فقد انقطع الوحي وكمل الدين واستقر، وأنه لا يحل لأحد أن يزيد شيئا من رأيه بغير استدلال منه ولا ينقص منه شيئا ولا أن يبدل شيئا مكان شيء، ولا أن يحدث شريعة، وأن من فعل ذلك كافر. اهـ.
ولك أن تتأمل بإنصاف الحالة التي وصلت لها مجتمعاتنا بسبب هذه الدعاوى المخالفة للشرع والعرف، فلا الرقي حصلنا ولا بالشرع تمسكنا.
والله أعلم.