عنوان الفتوى : المعول عليه في الحضانة هو مصلحة المحضون
شيخنا الفاضل: اسأل الله أن يكون في مقدرتكم إفادتي في هذه المسألة هي: أن هنا زوجة توفي عنها زوجها وقد أنجبت من زوجها بنتا وكانت البنت بعمر صغير في وقت وفاة أبيها، تزوجت الأم أخا زوجها عم ابنتها، وبعد ذلك انفصلا (طلقها) المهم استمرت البنت في رعاية أمها وهي التي تنفق عليها وتربيها وأهلها أقصد هنا أهل أبيها وخاصة عمها زوج أمها بعد طلاقها أيضاً كان غائبا عنها وعن نفقتها ورعايتها، والآن هذا العم يقول إن البنت تخرج من البيت كثيرا لوحدها، علما بأنهما يسكنان في نفس المنطقة أو بمعنى أصح في قرية صغيرة والبيوت التي ترتادها هذه البنت هي بيوت أعمامها وأخوالها، وأيضاً هي مازالت صغيرة في العمر بما لا يزيد عن 11 أو 12 سنة، علماً بأنه لا يحدث خروجها من المنزل لوحدها بهذه الطريقة المزعومة، وإن حدث فهو في منطقة صغيرة جداً البيوت ملاصقة أو قريبة لبعضها البعض كثيراً، وبهذه الحجة يطالب هذا العم بأخذ البنت من حضن أمها لرعايتها ويجدر بالذكر إحاطتكم علماً يا شيخنا أن هذا العم طلب أن يتزوج مرة أخرى من زوجة أخيه وإن رفضت سيسعى لأخذ البنت من أمها، ما أقصده هنا هو الضرار أنه يقوم بذلك للضغط على الأم ومن خوفها على بنتها أن تقبل بالزواج، بذلك يحاول أن يتهمها بهذه التهمة أنها غير أمينة أو شيء كذلك على رعاية البنت، سؤالي هو يا فضيلة الشيخ: هل يحق لهذا العم أن يخطف البنت من حضن أمها لأي سبب كان وخاصة أنها ترفضه كزوج لها وحيث أنه هدد بأن يأخذ البنت بالغصب، يعني أنه سيقوم بأخذ البنت رغما عنها في أول فرصة سانحة له، فأريد أن أعرف حكم أو شرع الله في ذلك والقانون بشكل عام، وبارك الله فيكم ونأسف للإطالة لكن كنت أحاول أن تكون أنت في الصورة بشكل كامل، ولكي لا أكون قد أخفيت شيئا ويكون الحكم مبنيا على الحق؟ وبارك الله فيكم، وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الإجابة على السؤال نخبرك أولاً أن مركزنا هذا مركز الفتوى يختص بالإجابة على الأسئلة والاستفسارات الشرعية، ولا علاقة له بأمور القانون، مع أن القوانين نسبية وخاضعة لإرادة الدول التي تسنها، فلكل بلد قانونه الخاص.
وفيما يتعلق بسؤالك نقول: إن الحضانة بعد الطلاق أو موت الزوج هي من حق الأم، وهذا مما لا خلاف فيه بين أهل العلم؛ إلا أن تكون الأم فاقدة الشروط الواجب توفرها في الحاضنة، وكنا ذكرنا هذه الشروط في فتاوى سابقة، فراجع فيها الفتوى رقم: 9779.
واختلف أهل العلم في السن التي تنتهي عندها حضانة البنت، وكنا قد بينا ذلك فراجع فيه فتوانا رقم: 6660.
وقد أعطى الشرع الحضانة للأم ثم لمن بعدها من قرابة المحضون من النساء حفاظاً على مصلحته، لأن النساء أشفق عادة وأدرى بتربية الصغار، فإذا بلغ المحضون سن الشهوة صارت حاجته إلى الأمن والرعاية أولى من تربية بدنه.
وعليه؛ فإذا كانت البنت قد بلغت السن التي يخشى عليها فيها الفساد، والأم ليست أمينة، كما يدعي عم البنت وهي تخرج وحدها من البيت كثيراً فالصواب أن تضم البنت إلى عمها لأنه ربما يكون أقدر على صيانتها وحفظها، إلى أن تزوج وتزف لزوجها.
وإن كان ما يدعيه العم غير صحيح وإنما هي وسيلة ضغط أرادها ليخضع المرأة إلى قبول الزواج منه. ومحل الأم أكثر أمنا وأحوط في صيانة البنت من محل العم، فلا ينبغي له أن يأخذها، إذ المعول عليه في المسألة هو مصلحة البنت، والحق أن الذي يستطيع حل مثل هذه المشاكل والنزاعات هو المحاكم الشرعية، التي تملك صلاحية استقصاء الحقيقة في تلك الإدعاءات، فالصواب أن يتوجه إليها ويعمل بما تحكم به إن وجدت، فإن لم توجد فما يقوم مقامها من جماعة أهل الحل والعقد من ذوي قرابة الكل.
والله أعلم.