عنوان الفتوى : انشغال قلب المصلي بتذكر ما يحفظه من قرآن هل يدخل في مسمى الخشوع
في قيام الليل أقوم بقراءة ما حفظت حديثا من القرآن وبالتالي يصبح جل تركيزي وذهني بالصلاة بالقراءة فقط بمعنى لا يوجد تفهم للآيات مثلاً أو خشوع بالمعنى المطلوب لأن تركيزي منصب أن أجمع الآيات التي حفظتها وهكذا.. فهل تركيزي على إتيان الآيات بشكل صحيح كما أسلفت يسمى خشوعا أم أنا لستُ على صواب؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما تعانيه من مشقة وجهد في سبيل حفظ كتاب الله تعالى طاعة عظيمة الأجر والثواب عند الله سبحانه وتعالى، فقد قال صلى الله عليه وسلم: الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران. متفق عليه، وهذا لفظ مسلم. وفي لفظ للبخاري: ومثل الذي يتعاهده وهو عليه شديد فله أجرانِ.
قال المناوي في فيض القدير: والذي يقرؤه ويتَتَعْتَعُ أي يتوقف في تلاوته، والتًّعتعة في الكلام التردد فيه لحَصَر أو عِي أو ضعف حفظ، وهو عليه أي والحال أن القرآن على ذلك القارئ شاق له أجرانِ، أي أجر بقراءته وأجر بمشقته، ولا يلزم من ذلك أفضلية المتَتَعْتِع على الماهر لأن كون الماهر مع السفرة أفضل من حصول أجرين؛ بل الأجر الواحد قد يفضل أجورا كثيرة. انتهى
والخشوع عرفه الحافظ ابن حجر في الفتح بقوله: والخشوع تارة يكون من فعل القلب كالخشية، وتارة من فعل البدن كالسكون، وقيل لا بد من اعتبارهما، حكاه الفخر الرازي في تفسيره
وقال غيره: هو معنى يقوم بالنفس يظهر عنه سكون في الأطراف يلائم مقصود العبادة، ويدل على أنه من عمل القلب حديث علي: الخشوع في القلب أخرجه الحاكم. وأما حديث: لو خشع هذا خشعت جوارحه، ففيه إشارة إلى أن الظاهر عنوان الباطن. انتهى
وقال العيني في عمدة القاري: وعن أبي الورد: يحتاج المصلي إلى أربع خلال حتى يكون خاشعا: إعظام المقام وإخلاص المقال واليقين التمام وجمع الهم.
وقال العيني أيضا: لأن الصلاة المعتبرة أن يكون فيها خشوع، وما يلهي المصلي ينافي الخشوع والخضوع . انتهى
وعليه؛ فما تفعله لا يدخل تحت تعريف الخشوع؛ وبالتالي فلا يسمى خشوعا لانشغال قلبك بموضوع حفظ ما تقرؤه من قرآن، والذي ننصح به هو أن تقتصر في قيام الليل على قراءة ما تتقن حفظه حتى تكون خاشعاً حاضر القلب متدبراً لآيات كتاب الله تعالى فاهماً لمعانيه، قال تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}(صّ:29)
وهذا الذي ذكرناه إذا لم يمكن أن تجمع بين التركيز على الحفظ والخشوع والتدبر.
أما خارج الصلاة فتخصص ما أمكن من وقتك لحفظ أكبر قدر ممكن من كتاب الله تعالى ومراجعته حتى تستظهره وتجيد حفظه، ففي ذلك الخير الكثير إن شاء الله تعالى.
وعلى كل حال فأنت في عبادة تثاب عليها.
وللتعرف على الآداب التي ينبغي أن يتصف بها قارئ القرآن راجع الفتوى رقم: 24437
والله أعلم.