عنوان الفتوى : مسائل حول ترك الصلاة والزواج والانتماء لأهل البيت
جزاكم الله عنا كل خير، أما بعد: عندي عدة أسئلة من فضلكم عندي عدة ذنوب منها منسية وأخرى أتذكرها منذ عدة سنين هل إذا تبت توبة شاملة عن كل ذنوبي هل يغفر الله لي ذنوبي التي أتذكرها فقط أم كلهم، هل من دعاء أقوله ثم يغفر الله لي كل ذنوبي من أصغرها إلى أكبرها والمتذكرة والمنسية، هل لكل ذنب توبة خاصة، هل إذا تبت هل الملائكة تنسى خطاياي، أنا شاب بالغ ومازلت عند أبي ولدي مال هل أزكي، هل يمكنني إعطاء الزكاة لأبي، أنا لا أصلي هل أسترجع الصلاة الفائته منذ 10 سنوات، أنا عندي 23 سنة وأتوب بصفة عامة عن كل ذنوبي، العلماء يقولون بأن تارك الصلاة كافر وإذا عاد يصلي ما قبل إلا الصوم فيجب عليه القضاء أليس هناك انتقاد بينهما الحمد لله من جهة الصوم لا ينقضي أي يوم، هل إذا لم أتمكن من طلب المسامحة من شخص لكي تكمل التوبة أخرج صدقة له لمغفرتي يوم الحساب أو أخرج صدقة عامة تشمل كل من له حق علي، اكتشفت بوثائق تثبت والحمد لله بأني من آل البيت وأنا لا أصلي هل أنتمي إليهم مهما كان ذلك، هل عذاب آل البيت العصاة يضاعف لهم العذاب ضعفين، هل يمكنني إعلان هذا للناس أم أصمت نظراً لسلوكي الغير لائق، هل يمكن الجمع بين صلاة العصر والمغرب لضرورة مثل كسب المال أو الدراسة، هل الريح تنجس الثياب الداخلية، إذا لم أستطع أن أغير ثيابي غير الطاهرة لمشكلة ما وأتى وقت الصلاة هل أصلي بهما، هل لمس الشرائط القرآنية بدون وضوء أو طهارة وسماع القرآن جائز، أريد أن أتزوج من بنت ذات حسب ونسب جيد وذات دين ليست متشددة وهي التي تشجعني على الصلاة وأنا أشكرها على هذا وهي لا تعرف بأنني أريد أن أتزوجها، إنها بنت خالتي إنها بكل صراحة من البنات التي لا يوجد الكثير منهن وكلما أدرسها أزداد إعجاباً، وهناك مشكلتان، الأولى جمالها الخارجي متوسط ولكن جمالها الداخلي ينسني ذلك، والثاني والأهم من كل شيء ويحيرني هو الزواج من القرابة بكل ما يحتويه من كلمة أي الأمراض الوراثية إلى آخره، هل يجوز لي الزواج منها، وإذا كان الفحص الطبي يقبل هل يمكن أيضاً نظراً أن الطب لا يمكن له الإحاطة بكل الجوانب، أريحوا بالي جزاكم الله خيراً، والله لا إنها إنسانة من خير الناس الذين أعرفهم وهي تملك الدنيا في قلبها بل في يديها وهي لن تطمع بالزواج مني من أجل مصلحتها مثل الأخريات ووالداي يحبونها كثيراً ويريدان أن أتزوجها وهي صبورة ويمكنها أن تهتم بأمي بعد أن أتزوجها إن شاء الله وتحب أمي كثيراً وتوصيني دائماً أن أهتم بها لأنها مريضة، باختصار هي فتاة رائعة ولكن المشكلة هي القرابة، أرجو أن تدعو لي بالتوفيق في حياتي الدنيا والآخرة وأن تدعو لأمي بالشفاء ولجميع المسلمين... أعتذر عن أخطائي لا أتقن اللغة وأعتذر عن أسئلتي الكثيرة، وجزاكم الله كل خير، أريد في الأخير أن أنبهكم بأنني لا أستطيع قراءة العربية في بريدي الإلكتروني هل يمكنكم إرسال صورة حيث تجد الإجابة ثم ترسل إلى البريد؟ وشكراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإننا ننبه السائل أولاً إلى خطورة ترك الصلاة وذلك أن ترك الصلاة خطر عظيم وقد ذهب جماعة من العلماء إلى أن تاركها كسلاً كافر كفراً أكبر مخرجاً من الملة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة. رواه مسلم.
ولقوله عليه الصلاة والسلام: إن العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر. رواه النسائي، وانظر الفتوى رقم: 1846، والفتوى رقم: 2175 وفيها الجواب عن سؤالك هل تقضي صلاة السنوات الماضية.
فإذا كنت لا تصلي فالواجب عليك التوبة إلى الله عز وجل من ذلك، ويجب عليك أن تصلي لقوله تعالى: وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ [البقرة:43]، ولقوله تعالى: إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا [النساء:103]، فاتق الله عز وجل وبادر إلى التوبة فإن التوبة واجبة وهي تجب ما قبلها.
واعلم أن العبد إذا تاب إلى ربه توبه صادقة نصوحاً فإن الله سبحانه وتعالى يقبل توبته ويفرح بها، ويمحو بها جميع سيئاته بل يبدل الله سبحانه وتعالى سيئاته حسنات، قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53]، وقال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ [الشورى:25]، وقال الله تعالى: إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا [الفرقان:70]، ولمعرفة شروط التوبة الصادقة نحيلك إلى الفتوى رقم: 24611، والفتوى رقم: 42083، وانظر الفتوى رقم: 41414 فإنها مهمة، والفتوى رقم: 36627 في كيفية الاستحلال ممن له عليك حق.
وأما عن دعاء معين للاستغفار فقد روى البخاري في صحيحه من حديث شداد بن أوس رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت وأبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، قال: ومن قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة. فعليك بهذا الدعاء والإكثار منه.
وسؤالك عن انتمائك لأهل البيت إن كنت لا تصلي، نعم تنسب إليهم، فالكفر لا يبطل النسب ولكن نسبك إليهم لا ينفعك يوم القيامة إذا مت مصراً على ترك الصلاة، قال الله تعالى عن تاركي الصلاة: فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ [المدثر:48].
وأما هل يضاعف العذاب للعصاة من أهل البيت، فقد ذكر أهل العلم في تفسير قوله تعالى: يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا [الأحزاب:30]، أشاروا إلى أن زيادة الفضل توجب زيادة قبح الذنب من الفاضل، قال الشوكاني رحمه الله تعالى في تفسيره "فتح القدير" عند تفسير هذه الآية: وقد ثبت في الشريعة في غير موضع أن تضاعف الشرف وارتفاع الدرجات يوجب لصاحبه إذا عصى تضاعف العقوبات. انتهى.
وقال البيضاوي في تفسيره: فإن زيادة قبحه -أي الذنب- تتبع زيادة فضل المذنب والنعمة عليه ولذلك جعل حد الحر ضعفي حد العبد، وعوتب الأنبياء بما لا يعاتب به غيرهم. انتهى.
وأما السؤال عن زكاة المال، فإن الزكاة في النقود إنما تجب بشرطين:
الأول: أن تبلغ النقود النصاب وهو ما يعادل 85 جراماً من الذهب.
الثاني: أن يحول على النصاب الحول، وانظر الفتوى رقم: 165، والفتوى رقم: 3032.
وأما هل تعطي الزكاة لأبيك، فإذا كان أبوك فقيراً فإنه يجب عليك أن تنفق عليه من مالك، ولا يجوز إعطاؤه من الزكاة لأنه من الذين تجب عليك نفقتهم ومن وجبت له النفقة لا يعطى من زكاة مال المنفق.
وأما السؤال عن الريح وهل تنجس الثياب، فالريح ليست نجسة فلا تنجس الثياب إلا إذا خرج معها خارج كغائط ونحوه، وأما الريح فليس نجسة ولا يجب غسل المحل منها.
وأما عن شرائط القرآن وسماع القرآن، فإنه لا تجب الطهارة للمس شرائط القرآن ولا لسماعه، وانظر الفتوى رقم: 2224.
وأما عن الزواج ببنت خالتك فإذا كانت ابنة خالتك ذات دين فلا تترد في الزواج منها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: فاظفر بذات الدين تربت يداك. متفق عليه.
مع العلم بأنه استحب بعض أهل العلم نكاح الأجنبية التي ليس لها قرابة لأمرين:
الأول: لأن ولدها يكون أنجب ذا فطنة وحذق.
الثاني: لأنه لا يأمن طلاقها، فإذا طلقها -أي القريبة- أفضى ذلك إلى قطيعة الرحم، وأما ما يثار حولها طبياً فراجع كلام أهل العلم فيه في الفتوى رقم: 8019، والفتوى رقم: 33807.
ونحن ننصحك بالاستخارة والإقدام على الزواج منها إن كانت ذات دين، وأما عن الجمع بين العصر والمغرب فإنه لا يجوز الجمع بينهما لا للضرورة ولا لغيرها، وانظر الفتوى رقم: 2160، والفتوى رقم: 47057.
والله أعلم.