عنوان الفتوى : حكم دخول الحائض المسجد وقراءتها القرآن
أدرس في المسجد القرآن الكريم فهل أعتزل المسجد عندما يأتي الحيض .ام أذهب ولكن لا ألمس القرآن إلا في قماش. فأرجو أن يكون الرد بالتفصيل ونعتذر على الاطاله. وجزاكم الله خيرا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فدخول المرأة الحائض المسجد ولبثها فيه لا يحل، لما رواه أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في شأن المسجد: فإني لا أحله لحائض ولا جنب. وبما في مسلم والمسند وغيرهما أن عائشة قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ناوليني الخمرة من المسجد، قالت: فقلت: إني حائض، فقال: إن حيضتك ليست في يدك. فدل هذا الحدث أن عائشة كانت تعلم أن الحائض لا تدخل المسجد، والنبي صلى الله عليه وسلم أقرها على ذلك، وإنما أخبرها أن إدخالها ليدها فقط في المسجد لا يعد دخولا فيه، فعلى هذه المرأة أن تجتنب دخول المسجد أيام حيضها، ثم إذا أرادت مزيدا من العلم فهنالك طرق كثيرة لتعلم العلم مثل: سماع الأشرطة وقراءة الكتب، وأما قراءتها للقرآن عن ظهر قلب أو بمسك المصحف بحائل دون مس له مباشرة بيدها فهو محل خلاف بين أهل العلم، فذهب جماهير العلماء إلى منعها من ذلك، ودليلهم في ذلك قول علي رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحجبه عن قراءة القرآن إلا الجنابة. رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
قال الجمهور: ما كان علي رضي الله عنه ليقول هذا عن توهم أو ظن، وقالوا: الحائض مثل الجنب، بل حدثها أغلظ منه، فيجب منعها من قراءة القرآن كما منع الجنب.
وذهب بعض العلماء إلى جواز قراءة القرآن للحائض دون الجنب، ومن هؤلاء ابن تيمية رحمه الله، وهو مذهب مالك ورواية عن أحمد، وهو أحد قولي الشافعي، وذلك بالاستحسان، لطول مقامها بخلاف الجنب، فإنه يمكنه رفع حدثه متى شاء.
وهذا القول وإن كان القائلون به أقل من القائلين بالأول، إلا أنه أقرب للصواب لعدم وجود الدليل الصريح الذي يمنعها من قراءة القرآن، وقياسها على الجنب فيه نظر، لأن المرأة لو منعت من قراءة القرآن فترة الحيض والتي قد تطول عند بعض النساء، كان ذلك داعيا إلى نسيانها ما تحفظه من كتاب الله خلال فترة الطهر، ولا يخفى ما في ذلك من انقطاعها عن هذا الكتاب المنزل ليتلى ويتدبر.
وذهب بعضهم كذلك إلى جواز مس المصحف بحائل إن احتاجت لذلك، كحفظ ومراجعة ودراسة وتدريس، بل ذهب ابن تيمية رحمه الله إلى وجوب ذلك عليها إن غلب على ظنها النسيان إن لم تراجعه، كما نقل عنه المرداوي في الإنصاف، وهذا الذي نرى ترجيحه أيضا.
والله أعلم.