عنوان الفتوى : هل يجوز حرمان الولد العاق من الميراث أو الهبة
أولاً: أشكركم على الفتوى التي أفدتموني بها بخصوص والدي والتعامل البنكي، مما شجعني للاستمرار معكم وأرجو أن لا أثقل عليكم، وجزيل الشكر والتقدير لكم وبعد، سؤالي هو: أيضاً يتعلق بوالدي الحبيب أرجو له الرضا والمغفرة من الله عز وجل، إن له ولدا من زوجة سابقة قبل أمي، وهذا الأخ هو البكر لوالدي ولكنه لا يراعي الله في أبيه، يبغضه كثيراً وينصر الخصوم عليه ولا يزوره فكم من رمضان مضى وأعياد ومناسبات إنه يكرهنا نحن إخوته ووالدتنا، والدي حاول معه كثيراً، فشل في إصلاحه والآن والدي قام بتسجيل أملاكه وتقسيمها علينا أنا وإخوتي ووالدتي، وهو إرضاء لله سبحانه وتعالى يريد أن يعطي هذا الولد العاق مبلغاً لا بأس به، سؤالي هو: هل والدي خرج على الشريعة بتقسيم أملاكه ليحمي أولاده وزوجته من أذى ابنه العاق وأعوانه، وإن كان يجب على أبي أن يعطيه حقه الشرعي فأين العدل وهل الوالد هو فقط مصدر للنقود والماديات، لكي يورث مالاً، أين العلاقة الأبوية والرحمة، أين بر الوالدين، فوالدي غاضب عليه فهو ابن يقاطع أباه سنين طويلة ويبغضه ويناصر خصومه، ويتمنى الضرر لأبيه وزوجته وأولاده وحين موعد الميراث يصبح هذا أبوه في ليلة وضحاها لكي يرث ماله، فوالدي لا يستطيع أن يكتب له في ليلة وضحاها حصاد سنين طويلة من التعب والعمل وكان هذا الابن يرفض أن يساعده وهو يعمل لوحده ونحن لا زلنا أطفالاً ويتمنى له الفشل، ولو لم يكن والدي نجح في عمله بفضل الله وبعد أن كبرنا وعاوناه كثيراً ما كان هذا الابن لينفق على أبي قرشاً، فكيف يرثه بعد النجاح وعملنا معه، أين الإنصاف لوالدي المسكين، على فكرة أخي هذا موضوع الحديث بلغ الخامسة والخمسين سامحوني على الإطالة، بانتظار إجابتكم الشافية.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان والدكم قد قام بقسمة ما يملك من أموال عليكم وعلى والدتكم في حال صحته، ومع كمال عقله، ولم يعلم عنه قصد الإضرار ببعض ورثته فلا حرج عليه في ذلك -إن شاء الله- ولكن الواجب عليه التسوية بين الأولاد في القسمة، ولا يجوز التفضيل بينهم إلا لمسوغ شرعي كمرض ونحوه، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 6242.
وعلى هذا.. فالواجب على والدكم إعطاء أخيكم نصيبه من هذا المال، ومساواته لكم في القسمة، ولا يجوز تفضيلكم عليه لمجرد ما وقع منه من عقوق، وتراجع الفتوى رقم: 28403، وما ذكرت من تصرفات قد وقعت من أخيكم فلا يسوغ حرمانه من نصيبه أو نقصانه شيئاً منه.
فعلاقتكم أنتم بأبيكم هي نفسها علاقة أخيكم به وعقوقه لوالده وقطعه لرحمه لا يحرمه من حقوقه الشرعية في أبيه من إرث وغيره، والواجب عليكم بذل النصح لأخيكم وتذكيره بالله تعالى، وبخطورة ما أقدم عليه من عقوق وقطيعة رحم، وأوردوا له نصوص الكتاب والسنة في تحريم ذلك، وقد ذكرنا بعضها في الفتوى رقم: 11287، والفتوى رقم: 13912.
واستعينوا في إصلاحه بالله تعالى أولاً بدعائه والتضرع إليه، ثم بكل من ترجون أن يكون لقوله تأثير عليه، وبكل وسيلة صحيحة، ولعل من أعظم ما يعينكم في إصلاحه، إحسانكم إليه وحسن معاملتكم له، قال الله تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ [فصلت:34]، فابذلوا له هذا المتاع الزائل رجاء ما فيه خير الدنيا والآخرة.
وننبه إلى أن والدكم إن كان قد قسم إملاكه على أنها تركة، فلا يصح، وكذا إن كان هبة فلا بد من حوزتها الحوز المعتبر شرعاً، بأن يرفع يده عنها، ويتصرف كل واحد في نصيبه تصرف المالك.
والله أعلم.