عنوان الفتوى : الطلاق الثلاث بلفظ واحد وفي وقت واحد
تزوجت في العام الماضي من رجل كان يصلي أمامي في بادئ الأمر وكان يغيب عن المنزل حتى الواحدة أو الثانية ليلاً في أول شهر من الزواج، وتطور الأمر حتى صار يغيب عن البيت من المغرب (بعد استيقاظه من النوم) ويعود بعد أذان الفجر. بعد ذلك أصبح يعود مع شروق الشمس واستمر على هذا الحال حتى بدأ في الغياب عن المنزل لمدة إحدى عشر ساعة ونصف، ولقد حادثته في هذا الموضوع –أي غيابه المستمر طوال الليل- فلم يهتم به وحادثت أمه في هذا لأن لها سيطرة قوية عليه فدافعت هي عنه، مع العلم بأنه لا يحمل الشهادة الثانوية ولا يعمل وسهراته للهو فقط، وأصبح الوضع لا يحتمل حين كان يتركني وحيدة في المنزل كل هذه الساعات الطوال وأنا مرهقة ومريضة من الحمل، ثم أصبح يغيب عن المنزل لمدة ثلاث وعشرين ساعة؛ أي ما يساوي يوماً إلا ساعة! وفوق هذا وذاك رمى ثوبه العربي ولبس لباس الغرب من قميص وبنطلون ولبس قلادة في عنقه وإسوارة في معصمه وخاتماً في إصبعه كلهم من الذهب الخالص وحلق لحيته وشاربه ويدخن الدخان بأنواعه أي أصبح غربي القلب والقالب، ثم غاب عن المنزل لمدة خمسة وثلاثين ساعة!!! الله وحده يعلم ماذا كان يفعل في هذه الساعات كلها... كان خلال تواجده البسيط في المنزل حين تحين الصلاة لا يصليها وتأتي كل الصلوات ولا يصليها (كان لا يصلي الظهر والعصر والمغرب)، وفي الفجر يدخل المنزل وينام فوراً دون أن يصلي... باختصار هو لا يصلي، خفت على ديني واحترت في أمره فذهبت إلى أهلي لأحل القضية معه، ولم تمض ساعة حتى دخل منزل أهلي مباغتاً ودون استئذان ودون أن يرعى حرمة وجود أختي البالغة في المنزل دون حجاب، وطلقني أمام أهلي فوراً ودون نقاش بهذا اللفظ بالضبط وحرفياً:"أنت طالق طالق طالق وبالثلاث طالق"، ثم قال لأبي:"صحيح إني ما أصلي وأغيب عن البيت خمس وثلاثين ساعة"... الآن ما حكم الشرع في طلاقه لي، وما حكم الشرع في اعترافه بأنه لا يصلي، أفيدوني أفادكم الله؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذا الطلاق واقع بالثلاث عند جماهير فقهاء الإسلام، وعلى ذلك اتفقت كلمة المذاهب الأربعة المتبوعة، ولم يخالف في ذلك إلا قلة قليلة منهم ابن تيمية رحمه الله تعالى، وعليه فيكون زوجك قد استنفد ما أذن له به الشرع من الطلاق، حيث جمع الثلاث دفعة واحدة، وأصبحت محرمة عليه حتى تتزوجي برجل آخر زواج رغبة لا زواج تحليل، ويتم بينك وبين الزوج الجديد جماع، فإن طلق الثاني حل لك الرجوع إلى الأول بعقد جديد ومهر جديد إن رضيت به، والذي نراه أن الله قد خلصك من هذا الرجل فاحمدي الله على ذلك وسوف يعوضك الله خيراً منه، فثقي بالله وتوكلي عليه ولن يضيعك.
وعلى افتراض أنه رجع وأراد أن يراجعك فارفعي أمرك إلى المحكمة الشرعية لأن وقوع الثلاث بلفظ واحد وفي وقت واحد محل خلاف بين أهل العلم وهذا الخلاف لا يرفعه إلا حكم المحكمة.
والله أعلم.