عنوان الفتوى : حكم التوقيع عن الغير وراتب أيام الغياب
أنا طبيب في فترة الامتياز لمدة سنتين بعد التخرج، وهي فترة من المفترض أننا نراقب فيها، لنتعلم، وقد نقوم ببعض المهارات البسيطة للتدرب، ونحن نأخذ لقاء ذلك راتبا أقل من راتب الطبيب العامل. ويتم توزيعنا في مجموعات على عدة مستشفيات، والمشكلة أن المستشفى التي يفترض تواجدي بها قليلة الحالات -العملاء- وسواء الاستقبال، أو العيادات، أو القسم، بها حالات قليلة، ولا أتعلم سوى القليل، ولو مكثت أذاكر في هذا الوقت لكان أعظم فائدةً من حيث التعلم. ونحن هناك بلا مهمة واضحة، ولكن يجب علينا الإمضاء على الحضور، والانصراف، ويقوم بعض الزملاء أحيانا بالتغيب، ويقوم آخرون بالإمضاء عنهم، بحجة عدم الاستفادة من الوجود في المستشفى، وأن بعضهم يذهب إلى مستشفيات أخرى، أو يذاكر في المنزل، وهذا ما واجهني به أغلب الزملاء عندما قلت إن الأمر قد يكون محرما. فهل هذا التغيب حرام، بحيث يُعدُّ الراتبُ في هذه الحالة حراماً، ويُعدُّ الإمضاء عن الآخرين شهادة زور؟ وهل يختلف الحكم إذا كان المتغيب مريضاً، أو له عذر؟
وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز توقيع الحضور عن الزملاء الغائبين؛ لما في ذلك من الكذب، والغش، وتضييع الأمانة، وراجع في ذلك الفتويين: 118888، 396148.
وراتب أيام الغياب لا يحل للغائب، لأنه لم يقم بما يستحقه به، ولم يف بعقد عمله، فصار أكله باطلا، وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة: 1}. وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {النساء: 29}.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه البخاري تعليقا، وأبو داود، والترمذي، وقال: حسن صحيح- وصححه الألباني.
وقال القاسم بن محمد: ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم وفيما أعطوا. رواه مالك في الموطأ.
وما أخذ من ذلك يجب رده إلى جهة العمل إن أمكن ذلك، وإلا تصدق به، وراجع في ذلك الفتاويين: 456379، 127515.
وفي حال التغيب لمرض، أو عذر، تطبق لوائح العمل، أو شروط العقد.
والله أعلم.