عنوان الفتوى : صرف الأدوية المجانية بتذاكر وهمية لإعطائها للمرضى الفقراء
أنا طبيبة حديثة التخرج، وهذه أول مرة أنزل في القوافل التابعة للوزارة، وعند آخر أيام القافلة سألوني إذا كنت أحتاج شيئا من الأدوية المتاحة معنا، وأنهم تعودوا أنهم في آخر القافلة يعملون تذاكر وهمية لحالات كشف، ويكتبون عليها أدوية هم بحاجة إليها، أو لأقارب لهم يحتاجون هذا العلاج، وليست عندهم القدرة المالية لشرائها، والعلاج مختوم عليه بأنه غير مصرح به للبيع، وفعلا هم لا يأخدونه للبيع، والمسؤول عن القافلة يكون عارفا بذلك، لكنه لا يتكلم معهم، لأنه طالما كانت فيه تذاكر، ومسجلة.... لكنه علاج من الوزارة، وأحيانا يزيدونه على تذاكر مرضى كشفوا بالفعل، لكن صاحب التذكرة، صرف نوعا واحدا، وهم يزيدونه عليه.
مع العلم أن أي تذكرة يكون عليها توقيعي، فهل هذا يعتبر من الكذب، والسرقة، وعدم الأمانة؟ وما كفارة هذا إذا كان حراما؟ أنا خائفة، وأحس أنني على خطأ، لأنني لم أتكلم معهم، وهذه أول مرة أتعرض لهذا الموقف، وهل حرام إذا كنت في المستشفى وكتبت تذكرة باسمي فيها علاج لصديقة محتاجة لهذا العلاج بدلا من أن تأتي هي للمستشفى؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز صرف هذا الدواء المجاني بالطريقة المذكورة في السؤال؛ لما فيها من الغش، والكذب، وتضييع الأمانة، وأكل المال بالباطل، وقد قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل {النساء:29}.
وقال سبحانه: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود {المائدة:1}.
وقال عز وجل: ياأيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون {الأنفال: 27}.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليس منا، والمكر، والخداع في النار. قال المنذري في الترغيب: رواه الطبراني في الكبير، والصغير، بإسناد جيد، وابن حبان في صحيحه ـ وصححه الألباني.
ومن أخذ من هذا الدواء بطريقة غير مشروعة، فعليه رده، أو رد مثله إلى جهته -الوزارة- إن أمكن ذلك، وإلا؛ فعليه ضمان قيمته لصالح هذه الجهة إن أمكن ذلك، وإلا؛ فتصرف هذه القيمة في أبواب البر، والمصالح العامة، أو تدفع للفقراء، والمساكين، وإن كان من أخذها فقيرا لا يستطيع دفعها، فهو من جملة الفقراء المستحقين لهذا المال.
قال الغزالي: وله أن يتصدق به على نفسه، وعياله إذا كان فقيرا، لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود فيهم، بل هم أولى من يتصدق عليه، وله هو أن يأخذ منه قدر حاجته، لأنه أيضا فقير. اهـ.
نقل ذلك النووي، ثم قال: وهذا الذي قاله الغزالي في هذا الفرع ذكره آخرون من الأصحاب، وهو كما قالوه. اهـ.
وأما السؤال الثاني، فجوابه أنه لا يصح أن تكتبي التذكرة باسمك أنت، لتدفعي الدواء لصديقتك، أو غيرها، لأن هذا أيضا غش، وكذب. ولكن إن كانت صاحبتك ممن يستحقون صرف هذا الدواء، ولا تستطيع المجيء للمستشفى، فنرجو أنه يرخَّص لك في كتابة تذكرة باسمها هي كأنها جاءت بنفسها؛ لكونها مستحقة للدواء بالفعل، ومراعاة لعجزها عن المجيء بنفسها، ويراعى في ذلك نظام العمل، وما تقتضيه لوائحه.
والله أعلم.