عنوان الفتوى : بيان المرض للخطيبة بين الوجوب وعدمه
أنا طبيب عربي مسلم لقد اكتشفت جديداً أنني أعاني من مرض خبيث في الدم -أي سرطان دم- وقد قرأت عنه وقد تبين أنه بعد الإصابة ممكن العيش لمدة 7 سنوات، وأنا الآن في حيرة، هل يصح لي الزواج من امرأة مسيحية قد أسلمت وهي روسية الجنسية، ولكنها في الماضي عملت الفواحش ومنها الزنا مع أعز أصدقائي وهو يعيش معي في نفس القرية في فلسطين وكل ما أراه أتالم هذه المرأة الآن في أحسن صورة وقد تابت بشكل كامل، وأنا الذي قمت بدعوتها للإسلام، وقد اعتنقته فما رأيكم في الزواج منها وأنا أعاني من المرض الخبيث، وحتى الآن لم أقل لها عن مرضي، فماذا أعمل لا أعرف، أريد مساعدتكم بسرعة الرجاء، أنا في حيرة ويأس؟ وشكراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه إذا كان المرض المذكور معديا أو منفرا فلا يجوز لك أن تكتمه عمن تريد الزواج منها لأن في ذلك غشا لها، فقد ذكر العلماء أن من العيوب التي توجب الخيار في فسخ النكاح العيوب المنفرة أو المعدية، وهي مفصلة في الفتوى رقم: 6559.
فلا يجوز لأحد الزوجين أن يكتم عن الآخر مرضا منفرا ولا معديا ولا عيبا من العيوب التي توجب الفسخ إذا اطلع عليها بعد النكاح، فإن كتمه كان غاشا له، وللطرف الآخر الفسخ إن تم النكاح بدون علمه بالعيب، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليس منا. رواه مسلم.
فإذا أعلمت المرأة المذكورة بمرضك وقبلت جاز لك الزواج منها وإن كان المرض مخوفا، إلا أن مالكا رحمه الله تعالى يرى أن المرض المخوف مانع من صحة النكاح لما فيه من إدخال وارث، وقد ذهب الجمهور إلى أن المرض لا يمنع صحة عقد النكاح، قال في المغني: حكم النكاح في المرض والصحة سواء في صحة العقد، وتوريث كل واحد منهما من صاحبه في قول الجمهور، وبه قال أبو حنيفة والشافعي رضي الله عنهما، وقال مالك أي الزوجين كان مريضاً مرضاً مخوفا حال عقد النكاح فالنكاح فاسد لا يتوارثان به؛ إلا أن يصيبها فيكون لها المسمى في ثلثه مقدما على الوصية. انتهى.
وإن كان المرض المذكور غير معد ولا منفر ولا مانع من الاستمتاع فإنه لا يجب عليك إعلامها به، هذا كله بناء على ما ذكرت من أن المرأة أسلمت وحسن إسلامها، ولو كانت تزني قبل ذلك، لأن الإسلام يجب ما قبله، ولا بد أن تتقضي عدتها ثلاث حيضات إن لم تحمل من ذلك الزنا، وإلا فإن عدتها وضع حملها.
أما إن كانت ترتكب الفواحش بعد إسلامها فلا بد من التوبة إلى الله تعالى حتى تتزوجها، فإن تابت توبة صادقة جاز لك الزواج منها عند انقضاء عدتها على نحو ما تقدم، قال في الشرح الكبير: تحرم الزانية حتى تتوب وتتقضي عدتها إلى أن قال: إذا ثبت هذا فعدة الزانية كعدة المطلقة لأنه استبراء لحرة أشبه عدة الموطوءة بشبهة. انتهى.
ولبيان أنواع العدة راجع الفتوى رقم: 28634، وقيل يكفي من عدة الزانية أن تحيض حيضة واحدة، كما هو مذهب مالك بن أنس وقول عند الحنابلة، ولموضوع الزواج من الزانية التائبة راجع الفتوى رقم: 11447.
والله أعلم.