أرشيف المقالات

يا قائد الإخوان رفقًا بالخلائق - حسن الخليفة عثمان

مدة قراءة المادة : 6 دقائق .
إجمالًا لم يكن حديث الدكتور (أحمد عبد الرحمن) رئيس المكتب الجديد للإخوان المسلمين على قناة الجزيرة في صالحه، ولا في صالح جماعته، ولا في صالح أنصار الشرعية في مصر ، بما جاء فيه من تـناقضات وغموض والتباس، وربما ترك انطباعًا سلبيًا لدى الكثيرين من المتعاطفين مع الجماعة، وقد يكون له تداعيات غير إيجابية.

في إجابته عن سؤال جاء عبر مداخلة من مشاهد بأمريكا عن أجندة المكتب لخروج الجماعة من مأزقها الحالي..
قال د.
أحمد عبد الرحمن: "لسنا في مأزق! ونعمل منذ أكثر من ثمانين عامًا ونناضل وندفع أثمانًا باهظة لهذا النضال".

* عن المؤسسية والتخصص قال: "نحن عملنا في رؤيتنا على عدة برامج وعدة مشروعات، هذه البرامج والمشروعات سنقوم بإدارتها من خلال مؤسسات فنية متخصصة".

سأله الإعلامي أحمد منصور: "وهذه (المؤسسات الفنية المتخصصة) لم تكن موجودة في الإخوان قبل ذلك؟".
فأجاب: "لم تكن موجودة قبل ذلك".

فسأله منصور: "ماذا كان يعمل الإخوان خلال الثمانين سنة؟".
فكانت إجابته: "الحديث عن فضل وبذل الجماعة في الحفاظ على وسطية وشمول الإسلام والوقوف في وجه الظلم والاستبداد".

*عن وجود مراجعات قال:
"وجدت الجماعة نفسها في تحد هائل، يوجب عليها إجراء مجموعة من التغييرات والمراجعات، بداية من الفكر والإستراتيجيات، وانتهاءً بإطار العمل والوسائل والهياكل"، كما أكد أن كل شيء داخل الجماعة خاضع للمراجعة والمحاسبة والنقاش.

أعاد منصور السؤال للتأكيد: "هل الإخوان المسلمون الآن في إطار مراجعة فكرية، وإطار مراجعة للعمل وللوائح وحتى للمسئولين والأفراد؟".
فأجاب: "نعم تمت مراجعات، وتتم المراجعات، ونتمنى من الجميع أن يسلك نفس المسار".

وحين سأله منصور تعقيبًا على اعترافه أن الجماعة أخطأت: "أنتم إذًا أخطأتم، هل تريد من الشعب المصري بسهولة أن يعيد الثقة لكم مرة أخرى بعد ما وضع لكم الثقة خمس مرات، وسلكتم طريقًا أدى بالثورة المصرية إلى ما وصلت إليه؟"
فكان الجواب: "نحن لسنا جماعة من الملائكة ، نحن جماعة من البشر نخطئ ونصيب، ولدينا الشجاعة أن نقول أخطأنا ولدينا الشجاعة أن نعتذر".

فسأله منصور: "ما جرى من الإخوان؛ الأمة كلها تجني ثماره الآن، ما الذي ستقومون به من أجل إصلاح الخطأ الفادح الذي فيه أناس قُتلوا وأناس رُمّلوا؟"، فكانت الإجابة امتدادًا لسياق الحديث الذي بإمكانك العودة لمشاهدته بنفسك على موقعه.

الجماعة التي تم تصنيفها من قِبل أعدائها (جماعة إرهابية) وتم حل حزبها الحاكم، وحكم على مرشدها بالعديد من أحكام الإعدام، ولا تستطيع الإعلان عن مرشدها الجديد، في سابقة ربما لم تحدث من قبل في تاريخها، وتغتصب فتياتها في أقسام ومدرعات الشرطة، ومنها من منها من الفتيات المعتقلات، وأغلب قياداتها وعشرات الآلاف من أفرادها في المعتقل وغرف الإعدام، ليست في مأزق!

هل من الممكن أن تقولوا لنا ما هو تعريف المأزق عندكم؟
وما هو مقدار النصاب من المصائب والكوارث والأزمات لبلوغ درجة المأزق؟
وما هي نظرة العالم الغربي والإسلامي والأعداء والأصدقاء حين يستمعون إلى هذا الكلام من أعلى رأس تنظيمي ممثل للإخوان بالخارج، ويدير كل ما يتعلق بالصراع في مصر؟

ثم كيف يجمع المرء بين إجابة الإخوان سابقًا: "أن الجماعة في إدارتها تقوم على الشورى والمؤسسية والتخصص"، وبين إجابة المسئول الجديد: "أنه لم تكن هناك من قبل مؤسسات فنية متخصصة؟!"، كما أن النفي القاطع السابق لوجود فكرة المراجعات الفكرية لدى جماعة الإخوان ألقى بظلال كثيفة على حوار المسئول الجديد، إذ إنه أكد: "أن المراجعات تبدأ بمراجعة الفكر والإستراتيجيات، إلى الوسائل واللوائح وكل شيء"، فكيف يمكن الجمع بين القولين؟
ذلك أن إجابته كانت واضحة حيث قال بوضوح: "مراجعات تمت ومراجعات تتم".

من الانطباعات السلبية التي تركها الحديث..
أننا إزاء مرحلة جديدة من مراحل العمل السري والتنظيمي، والذي لا مجال فيه للحديث عن أية تفاصيل أو برامج أو رؤى، وأننا لسنا بصدد رجال دولة أو حكومة، وإنما بصدد عناصر ودُعاة وموجّهين، إذ حاول المذيع أن يستخرج من المسئول أي رؤية في أي ملف من الملفات في نقاط محددة، حيث ترجّاه أن يبتعد عن العموميات، فكانت الأجوبة مزيدًا من الهروب من الإجابة ومزيدًا من العموميات، والحديث عن تضحيات وبذل وعطاء الثمانين سنة!

كشف اللقاء لأي مراقب ومحلل عن أن التهرب من الأجوبة على الأسئلة التي كان المتابعون وأنصار الشرعية في مسيس الحاجة للاستماع إليها، بما يقوّي عزائمهم ويشد من أزرهم، لم يكن تهربًا بدافع الحفاظ على مصلحة الدولة أو الشرعية، وإنما هو لعدم وجود ما يقال أصلًا،  ولعدم وجود الرؤية الصالحة للطرح والنقاش..

إذ إننا لو عدنا إلى لقاء على مدار خمسين دقيقة يشاهده العالم كله بأنظمته وأجهزته الاستخباراتية، ومحلليه المتخصصين ومراكز ومعاهد البحث والدراسات، فلن نكون مبالغين إذا قلنا أنهم لن يجدوا ما يتعاطوا معه سوى لغة الجسد، والتي كانت في أغلبها ليست في صالح المتحدث، ناهيك عن الانطباع الذي يمكن أن يتركه ذلك المحتوى والمضمون لدى أنصار الدكتور مرسي في العالم الإسلامي والغربي من ضحالة وفقر فكري وسياسي، أهال التراب على قدرات وإبداعات أمثال (باسم عودة، وأسامة ياسين، ويحى حامد) وقوة حجة وبرهان (البلتاجي) وكفاءة (الكتاتني)، وتحويل الضحية إلى مخطئ يجب عليه المراجعة والاعتذار!

والخلاصة: أن الذي بدا لنا كمراقبين أنه ليس هناك مراجعات بقدر ما هناك تشبث بالمراكز، وإعادة تموضع للأفراد، فراجعوا المراجعة لعلها تسفر عن مراجعة رشيدة.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣