عنوان الفتوى : القرآن محفوظ من تطرق النقص إليه
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الصحابة رضوان الله عليهم كتبوا القرآن الكريم في عهد الخليفة الراشد أمير المؤمنين عثمان على حرف قريش، فقد ذكر ابن أبي داود في كتاب المصاحف والبخاري في الصحيح مختصرا والترمذي في السنن أن عثمان رضي الله عنه أرسل إلى زيد بن ثابت وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعبد الله بن الزبير أن انسخوا الصحف في المصاحف، وقال للرهط القرشيين الثلاثة: ما اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم، حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف بعث عثمان إلى كل أفق بمصحف من تلك المصاحف التي نسخوا.
هذا وليعلم أن الصحابة أخلوا المصاحف من الضبط لتكون قابلة للقراءة بجميع القراءات الثابتة.
قال صاحب المقرب المبسوط في المرسوم والمضبوط:
أخلوه من ضبط لكي يكونا أكثر من وجه لمن يتلونا
وأما الكلمات الزائدة في بعض القراءات فقد كتبت في بعض المصاحف، مثل زيادة من في قوله تعالى: [وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ] (التوبة: 100). في قراءة المكي حيث قرأ: "من تحتها" فقد كتب في المصحف المكي، ومثل "هو الغني الحميد بسورة الحديد، فقد كتبت في المصحف المدني والشامي بدون "هو "، وكذالك الواو في "وسارعوا"، ولا يعد هذا نقصا في القرآن لأن القرآن كلام الله سبحانه وتعالى، وهو محفوظ من تطرق النقص إليه.
قال الله تعالى: [إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون] (الحجر: 9).
وأما كتابته بطريقة تقبل عدة قراءات فهذا يعد من كمال القرآن ولا يعد نقصا ولا قصورا.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 4256، 5963، 46796.
والله أعلم.