عنوان الفتوى : الصدقة على من يَسُبُّ الدِّين
جارتنا أرملة، ولديها: 3 أولاد -طفلة عمرها: 7 سنوات، وولدان بين: 14 و18-، فاقترح أحد الجيران أن نجمع لهم قدرا من المال في أول الشهر الكريم، فامتنع الجميع عن إعطائهم المال بحجة أنهم جميعا يسبون الدين -والعياذ بالله-، وربما أكثر من باقي الكلام، حتى الطفلة الصغيرة تسب مثلهم، حيث يسبون مزاحا، وعند الغضب، وحتى وسط الحديث العادي، ولم يسبق أن رأيت من يسب أكثر منهم، ولا يتعظون مهما نصحهم الناس. فهل يجوز صرف المال لهم؟ أم امتناعنا كلنا صحيح؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فعليكم أن تسعوا في هدايتهم أولا، وتعرفوهم خطر الأمر، وأن تجتهدوا في مناصحتهم، ليتوبوا إلى الله تعالى، وبينوا لهم أن من صدر منه سب الدين يقصد بذلك الشريعة الإسلامية، فذلك ردة عن الإسلام -والعياذ بالله-، فيجب عليه أن يبادر بالتوبة النصوح من هذا الذنب العظيم الذي من مات متلبسا به غير تائب منه، فإنه من أهل النار -والعياذ بالله-
جاء في فتح العلي المالك، في الفتوى على مذهب الإمام مالك لعليش -2/ 346: نزلت مسألة وهي أن رجلا كان يزدري الصلاة، وربما ازدرى المصلين، وشهد عليه ملأ كثير من الناس، منهم من زُكَّي، ومنهم من لم يُزَكَّ، فمن حمله على الازدراء بالمصلين لقلة اعتقاده فيهم، فهو من سباب المسلم، فيلزمه الأدب على قدر اجتهاد الحاكم، ومن يحمله على ازدراء العبادة، فالأصوب أنه ردة، لإظهاره إياه، وشهرته به، ويجرى على أحكام المرتد -قلت: يؤخذ من هذا الحكم فيمن سب الدين، أو الملة، أو المذهب، وهو يقع كثيرا من بعض سفلة العوام، كالحمارة، والجمالة، والخدامين، وربما وقع من غيرهم، وذلك أنه إن قصد الشريعة المطهرة، والأحكام التي شرعها الله تعالى لعباده على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم- فهو كافر قطعا، ثم إن أظهر ذلك، فهو مرتد، يستتاب، فإن تاب، وإلا قتل، وإن لم يظهره، فهو زنديق، يقتل ولو تاب، وإن قصد حالة شخص، وتدينه، فهو سب المسلم، ففيه الأدب باجتهاد الحاكم، ويفرق بين القصدين بالإقرار والقرائن... اهـ.
وأما التصدق على هؤلاء: فجائز، ولكن ينبغي البحث عن أهل الصلاح والاستقامة، فهم أولى بالصدقة، ومن امتنع عن التصدق على المذكورين في السؤال، فلا حرج عليه، وإذا كان في امتناع الجميع عن الصدقة عليهم زجر لهم عن ما هم فيه، وتسبب في هدايتهم، وصلاحهم؛ فذلك مسلك حسن.
والله أعلم.