عنوان الفتوى : واجب من كثرت عليه الصلوات الفوائت
عليَّ قضاء صلوات سنين سابقة، وقد اخترت أن أقضيها، ولكني طالب، وربما قضاء يومين فيه مشقة عليَّ. فهل لي أن أقضي كل يوم يومًا واحدًا؟ وإذا قضيت صلاتين بين الصبح والظهر، وبعد 4 أيام قضيت باقي الصلوات. هل يجوز ذلك، أم الواجب عليَّ أن أعيد قضاء الصبح والظهر، لطول المدة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصلاة لها مكانة عظيمة في الإسلام، فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين، وهي أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة، فإن كانت مؤداة على الوجه المطلوب شرعاً؛ فاز صاحبها وأفلح، وإن ضيعها؛ خاب وخسر، ثم إن الذي عليه جمهور أهل العلم وجوب قضاء الصلوات الفوائت، سواء فاتت عمداً أو نسياناً، حيث يجب على المسلم المبادرة إلى قضائها فوراً، ويواصل القضاء حتى يغلب على ظنه براءة ذمته.
قال الشيخ ميارة المالكي في الدر الثمين: قال في المدونة: يصلي الفوائت على قدر طاقته. ابن أبي يحيى قال أبو محمد صالح: أقل ما لا يسمى به مفرطاً: أن يقضي يومين في يوم. ابن العربي: توبة من فرَّط في صلاته، أن يقضيها، ولا يجعل مع كل صلاة صلاة، ولا يقطع النوافل لأجلها، وإنما يشتغل بها ليلًا ونهاراً، ويقدمها على فضول معاشه، وأخبار دنياه، ولا يقدم عليها شيئًا، إلا لضرورة المعاش. اهـ.
قال ابن قدامة في المغني: إذا كثرت الفوائت عليه، يتشاغل بالقضاء، ما لم يلحقه مشقة في بدنه أو ماله، أما في بدنه: فأن يضعف أو يخاف المرض، وأما في المال: فأن ينقطع عن التصرف في ماله، بحيث ينقطع عن معاشه، أو يستضر بذلك، وقد نص أحمد على معنى هذا، فإن لم يعلم قدر ما عليه، فإنه يعيد حتى يتيقن براءة ذمته، قال أحمد في رواية صالح في الرجل يضيع الصلاة: يعيد حتى لا يشك أنه قد جاء بما قد ضيَّع. اهـ.
وبناء على ما سبق؛ فلا يجوز الاقتصار على صلاة يوم واحد إذا كنت تقدر على أكثر من ذلك.
أما إذا قضيت صلاتي الصبح، والظهر، ولم تقض صلاة غيرهما إلا بعد أربعة أيام، فلا تبطل صلاتي الصبح، والظهر، لكنك تأثم، بناء على القول بكون قضاء الفوائت يجب على الفور.
وقد ذكرنا مذاهب أهل العلم في هذه المسألة، وذلك في الفتوى: 232468.
والله أعلم.