عنوان الفتوى : هجر المعاصي لا يستلزم هجر الوالد
ما الذي يفعله من أسرف على نفسه بالذنوب، والمعاصي بعدما كان قريبا من ربه؟ انتكس، واتبع هواه، ويظن أن الله قد ختم على قلبه.
أردت أن أتوب قبل أشهر، لكن لم أستطع بسبب ضعفي الشديد أمام المعصية، والتي هي (العادة السرية، ومشاهدة الإباحية).
لكني أريد أن أتوب الآن، وأرى أن الحل الوحيد، هو هجر بيتي؛ كي أبتعد عن بيئة المعصية. فهل يجوز لي هجر والدي، إن كان هذا هو الحل الوحيد لهجر المعصية، والتوبة النصوح، والعودة إلى ربي؟ وهناك مشكلة أخرى، فوالدي مريض أخاف أن يزداد عليه المرض، ويموت -لا قدر الله-، فهل أكون آثما؟
أرجوكم أنقذوني، فأنا أعرف نفسي، فوالله الذي لا إله إلا هو لا أستطيع التوبة، إن بقيت في البيئة التي أنا فيها الآن، وأخاف أن أخسر دنياي، وآخرتي.
جزاكم الله خيرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك ترك والدك، وإضاعته، إن كان محتاجا إليك، وتعريض والدك للمخاطر التي ذكرتها، إن لم يكن من يدفعها عنه سواك أعظم إثما مما تريد تجنبه من الذنوب، وأما إن وجد من إخوتك من يقوم بأمر أبيك، ولم يكن يتضرر بخروجك من البيت، فلك حينئذ أن تترك البيت، وتقيم حيث شئت، ثم الذي نبينه لك أن التوبة بابها مفتوح أمام كل أحد، ولا يغلق في وجه مسلم، حتى تطلع الشمس من مغربها، وأن من استعان بالله أعانه، ولا بد، ومن جاهد نفسه صادقا، وفقه الله -تعالى- لمرضاته، كما قال تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا {العنكبوت: 69}، وتصورك أن وجودك في البيت هو الحائل دون الالتزام مجرد وهم في نظرنا، تسوله لك نفسك، كنوع من الهروب من علاج المشكلة علاجا حقيقيا، ونصيحتنا لك هي أن تبادر بالتوبة النصوح، وتترك ما أنت مقيم عليه من الذنوب والمعاصي، وإن فرض أنك عدت، وواقعت الذنب، فعد فتب مهما تكرر منك ذلك؛ فإن الله لا يزال يقبل توبة العبد ما تاب العبد إليه، قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ. {الشورى: 25} .
والله أعلم.