عنوان الفتوى : أحسن الوسائل لدعوة الناس إلى الخير وأقربها إلى قلوبهم
قرأت حديثًا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه: من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا- رواه مسلم، فما هو الأسلوب الصحيح، أو المقنع لِهِدايّة النّاس؟ وكيف أوصل لهم المعلومة بشكل مفهوم، وصحيح؟
وجزاكم الله عنا ألف خير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلى المسلم قبل أن يتصدى لتعليم الناس، ووعظهم، ونصحهم أن يتعلم ما يريد تعليمه جيدا، فإذا أتقن ما يريد الكلام فيه، فعليه أن يحسن عرضه على المتلقي، فيبينه بأوضح عبارة، وألطف أسلوب، مستعينا بالرفق، واللين ما أمكن، متبعا قول الله: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ {النحل: 125}.
وقوله آمرا لموسى عليه السلام في مخاطبة فرعون: فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى {طه: 44}.
وعليه أن يخلص نيته لله تعالى، ويصدق في طلب نفع ذلك الشخص، وهدايته، ثم إن أصابه أذى، أو مكروه من سخرية، أو نحو ذلك، فليصبر، ولا يجزع، ولا يترك الأمر، والنهي لصد الناس، وإعراضهم، فإن هذه سنة ماضية في الآمرين بالمعروف، والناهين عن المنكر، فليوطن نفسه على احتمال الأذى، ما دام يريد سلوك سبيل النبيين -عليهم السلام- ومن تبعهم بإحسان، وليكرر النصح، ولا يمل، ناقلا أقوال العلماء المعتبرين، وفتاواهم، ذاكرا في أثناء نصحه آي القرآن العزيز، وما صح من حديث النبي صلى الله عليه وسلم، ثم لا يحمل نفسه بعد هذا ما لا تطيق، فإن أصر المدعو على الإعراض، فليعلم الداعي أن القلوب بيد الرحمن، وأنه لا يملك هداية أحد، ولا إضلاله، وأن وظيفته هي البلاغ، والنصح بالحكمة، والموعظة الحسنة، فإذا فعل ما يقدر عليه برئت ذمته، وحصل له الأجر الموعود، وليستحضر قول الله: لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ {البقرة: 272}. ونحوه من الآيات، وليستعن في دعوته بالله تعالى، فإنه سبحانه هو ولي التوفيق، والإعانة، ونوصي بقراءة كتاب أصول الدعوة، للدكتور عبد الكريم زيدان -رحمه الله- ففيه نفع في هذا الشأن.
والله أعلم.