عنوان الفتوى : حكم فسخ البيع إذا تعسر المشتري ببعض الثمن
بعت لشخص دراجة نقل، ليس بنية التقسيط، لكن نظرا للظروف، ومعرفتنا الشخصية بهذا الشخص صبرنا عليه، لتسديد المبلغ، فلم يكتمل المبلغ، وقد مرت سنة كاملة منذ البيع، فأردت استردادها بنفس المبلغ، أي بإعطائه المبلغ الذي أعطاني من قبل، لكن نظرا للخسائر، والضرر في الدراجة أردت أن يكون إصلاحها عليه، فما حكم هذه المعاملة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال أن السائل باع دراجة لشخص بيعا عاجلا، ولكن مرت سنة كاملة دون أن يكمل ثمنها، فأراد استرجاع الدراجة، ورد ما دفع من ثمنها، فإن كان كذلك، فلا حرج فيه؛ لأن للبائع فسخ البيع إذا تعسر المشتري ببعض الثمن.
قال الحجاوي في الإقناع: إن كان المشتري معسرا ولو ببعض الثمن، فللبائع الفسخ في الحال، والرجوع في عين ماله، كمفلس. اهـ.
وقال المرداوي في الإنصاف: قد يقال ظاهر قوله: المشتري معسرا- أنه سواء كان معسرا به كله، أو ببعضه، وهو أحد الوجهين، قلت: وهو الصواب. اهـ.
وأما ما ذكره السائل من الخسارة، والضرر في حال الرد، فإن كان مراد السائل بالخسائر، والضرر مجرد ما لحق بالدراجة، جراء الاستعمال الطبيعي من قبل المشتري للدراجة في هذه المدة، فليس له شيء في مقابل ذلك إن فسخ العقد.
قال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى: حيث صح البيع، ثم استعمل المشتري المبيع، أو أجره، وأخذ أجرته، أو أخذ صوفه، أو لبنه، أو غير ذلك، من زوائده المنفصلة، فاز بجميع ذلك، ولا شيء عليه في مقابلته؛ لأنه لما صح البيع ملك المبيع، فيملك زوائده، فإن أخذ منه زوائده، ثم فسخ البيع بإقالة، أو عيب، أو غيرهما، لم يرجع عليه البائع بشيء؛ لما تقرر من أنه لم يأخذ إلا زوائد ملكه، ومن ثم لم يكن له الرجوع على البائع بما أنفقه على المبيع؛ لأنه لم ينفق إلا على ملكه، إذ الفسخ لا يرفع العقد إلا من حينه، بخلاف ما إذا لم يصح البيع، فإنه يكون واضعا يده على المبيع تعديا، فلأجل ذلك أجريت عليه أكثر أحكام الغصب من ضمانه إن تلف بأقصى القيم، وضمان زوائده، سواء استوفاها، أم لم يستوفها، بأن فاتت في يده. اهـ.
والله أعلم.