عنوان الفتوى : نقص وزن الخبز المحدد وزنه وسعره بالقانون من التطفيف المنهي عنه

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

استفسرت عن مشروع مخبزة في بلادي، فعلمت أن القانون يحدد وزن الخبز المدعم وسعره منذ سنة: 1996 بـ: 250 غراما، علما أن الدولة تبيع المواد للخبازين بسعر مخفض، وسألت العديد من الخبازين عن هامش الربح، فأخبروني أن هامش الربح أصبح معدوما، بسبب أن المواد، واليد العاملة زاد سعرها، والخبز لا زال بالسعر القديم، وأنهم أصبحوا ينقصون وزن الخبز من: 250، إلى 200، أو 180 غراما، ليحققوا هامش ربح محترم، فهل هذا حلال؟ أم يعد من التطفيف؟

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما يفعله بعض أصحاب المخابز من نقص وزن الخبز دون بيان ذلك حرام شرعا، وهو من الغش المحرم، والتطفيف في الوزن المنهي عنه، قال تعالى: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ {المطففين: 1-3}.

قال العلامة ابن العربي: قال علماء اللغة: المطففون هم الذين ينقصون المكيال، والميزان، وقيل له المطفف، لأنه لا يكاد يسرق من المكيال، والميزان، إلا الشيء الطفيف. انتهى.

وبالتالي: فإنه لا يجوز لك فعل ذلك، بل لا بد من مراعاة الوزن المتفق عليه، وإن كان هذا المشروع لا يمكن الاستثمار فيه دون ارتكاب ذلك المحظور، فأعرض عنه، وابحث عن مشروع استثماري لا ترتكب فيه محرما، ولا تأكل مال غيرك فيه بالباطل، ومن تحرى الحلال وفقه الله إليه، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: إنك لَن تدَع شيئًا للهِ عزَّ وجلَّ، إلا بدلك اللهُ به ما هو خيرٌ لكَ منه. أخرجه أحمد في المسند.

قال ابن القيم في روضة المحبين: من ترك لله شيئا عوضه الله خيرا منه، كما ترك يوسف الصديق -عليه السلام- امرأة العزيز لله، واختار السجن على الفاحشة، فعوضه الله أن مكنه في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء، وأتته المرأة صاغرة، سائلة، راغبة في الوصل الحلال، فتزوجها، فلما دخل بها قال: هذا خير مما كنت تريدين، فتأمل كيف جزاه الله -سبحانه وتعالى- على ضيق السجن أن مكنه في الأرض ينزل منها حيث يشاء، وأذل له العزيز، وامرأته، وأقرت المرأة، والنسوة ببراءته، وهذه سنته تعالى في عباده قديما، وحديثا إلى يوم القيامة، ولما عقر سليمان بن داود -عليهما السلام- الخيل التي شغلته عن صلاة العصر حتى غابت الشمس سخر الله له الريح يسير على متنها حيث أراد، ولما ترك المهاجرون ديارهم لله، وأوطانهم التي هي أحب شيء إليهم، أعاضهم الله أن فتح عليهم الدنيا، وملكهم شرق الأرض، وغربها، ولو اتقى الله السارق، وترك سرقة المال المعصوم لله، لآتاه الله مثله حلالا، قال الله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ـ فأخبر الله -سبحانه وتعالى- أنه إذا اتقاه بترك أخذ ما لا يحل له، رزقه الله من حيث لا يحتسب. انتهى.

والله أعلم.