عنوان الفتوى : ورثوا عقارا وباعوه بالتقسيط، واشترطوا على من يأخذ نصيبه أولا: أن يدفع مالا لمن بعده!
يوجد عندي سؤال، راجياً من الله تعالى أن أجد إجابته عندكم بالدليل إن وجد، جدي ـ والد أمي ـ قد توفاه الله تعالى، وترك لنا ميراثا من الأراضي، وله ستةٌ من الأولاد، وثلاث بنات، من ضمنهن أمي حفظها الله تعالى، وبعد ذلك جاء مشترٍ لشراء هذه الأراضي التي تركها جدي من بعده، فعرض على أخوالي أن يشتري الأرض بدفعة مقدمة، والباقي على أقساط سنوية، فتم قبول ذلك، واستلم أخوالي الدفعة الأولى، على أن تقسم على الذكور والإناث حسب الشرع، وهكذا بقية الأقساط كلما أتى قسط أن يقسمه على الشرع، للذكر مثل حظ الأنثيين، وبعد ذلك اقترح خالي الأكبر على أخواته الثلاث؛ أمي، وخالاتي ) إن أردن أن يقدمهن على بقية أخوالي بأخذ كامل حقهن في البداية، بشرط جزائي أن يأخذ من كل واحدة خمسة آلاف دينار تُقسَّم على الذكور بدلاً عن التأخير، حيث إنه سيعطي أخواته أولا، ثم إخوانه بعدهن. وسؤالي هنا: ما حكم هذا الشرط الجزائي في الميراث؟ وهل يحق لهم أخذ الخمسة آلاف في حال تم موافقة الأخوات على ذلك؟
الحمد لله.
أولا:
إذا مات الميت انتقلت تركته إلى ورثته، فإذا بيع شيء منها فإن الثمن يقسم على الورثة بحسب القسمة الشرعية.
ثانيا:
إذا تم البيع على أقساط، فكل قسط يأتي فهو ملك مشترك بين الورثة، فلا وجه لتقديم أحد منهم على الآخر في أخذه، فإذا اتفقوا على أن تأخذ البنات حقهن أولا، مقابل مال يدفعنه للذكور، فهذا قرض ربوي محرم.
وبيان ذلك أنه لو كان الثمن مليونا مثلا، واستلم الورثة دفعة قدرها 150 ألفا، فإن نصيب الذكور منها 120، ونصيب الإناث 30، فإذا أخذ الإناث نصيب الذكور على أن يعطوهم 5 آلاف مقابل هذا التقديم، فحقيقة الأمر أنهن اقترضن 120 ألفا، على أن تُردّ بزيادة قدرها 5 آلاف، وهذا قرض ربوي محرم.
فليست المسألة بيعا، ولا هبة، ولا تكييف لها غير القرض، يأخذن نصيب الذكور، على أن يسددن هذا النصيب من الدفعات التالية، مع زيادة مشترطة، والقرض إذا شرط فيه الزيادة كان ربا.
قال الحجاوي في "الإقناع" (2/ 146): " باب القرض، وهو دفع مال إرفاقا لمن ينتفع به ويرد بدله... ويصح بلفظ قرض، وسلف، وبكل لفظ يؤدي معناهما، كقوله: ملكتك هذا على أن ترد لي بدله، أو توجد قرينة دالة على إرادته" انتهى.
وقال القرطبي رحمه الله في تفسيره (3/ 241): " وأجمع المسلمون نقلا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم أن اشتراط الزيادة في السلف ربا ولو كان قبضةً من علف - كما قال ابن مسعود - أو حبة واحدة" انتهى.
فإن رضي الذكور بإعطاء الإناث نصيبهن من الدفعات الأولى، مجانا، فهو قرض حسن لا حرج فيه.
والله أعلم.
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |