عنوان الفتوى : هل للزوج أن يلزم زوجته بأنواع معينة من الطعام؟
اذا زوج يسافر ويعطي زوجته مصروف ليس خاص بها وانما لما تحتاجه فهو يحدد لها ميزانية لكل شهر والباقي تعطيه له عندما يعود من السفر فهل يوجد شروط معينه يجب التزامها في الانفاق من المصروف ؟ و اذا كان الزوج يشترط بعض الامور في الانفاق كأن يشترط شراء بعض انواع طعام دون بعض لكونها مفيدة اكثر مثلا ويمنع من شراء الاكل الجاهز مثلا فهل يجب التزام مثل تلك الشروط ام لا؟ جزاكم الله خيرا
الحمد لله.
أولا:
الزوج ملزم بنفقة زوجته، من مأكل ومشرب وملبس ومسكن، والأصل أن يأتي بالطعام والشراب، وله أن يعطيها المال لتشتري حاجتها، إذا تراضيا على ذلك، وترد الباقي.
قال ابن القيم رحمه الله: "وأما فرض الدراهم، فلا أصل له في كتاب الله تعالى ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم البتة، ولا التابعين ولا تابعيهم، ولا نص عليه أحد من الأئمة الأربعة، ولا غيرهم من أئمة الإسلام" انتهى من زاد المعاد (5/ 455).
وقال في كشاف القناع (5/ 462): "(ولا يملك الحاكم فرض غير الواجب، كدراهم مثلا)؛ إلا باتفاقهما، ولا يجبر من امتنع منهما" انتهى.
ثانيا:
النفقة مقدرة بالكفاية، وتختلف باختلاف حال الزوجين يسارا وإعسارا، فما يجب على الموسر ليس كالذي يجب على المعسر، وما يجب للموسرة ليس كالواجب للمعسرة.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني (8/ 196): "والنفقة مقدرة بالكفاية، وتختلف باختلاف من تجب له النفقة في مقدارها. وبهذا قال أبو حنيفة، ومالك" انتهى.
والأصل في ذلك: قول النبي صلى الله عليه وسلم لهند زوجة أبي سفيان: خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ رواه البخاري (5364).
ومتى ترك الزوج لها المال، وائتمنها عليه: فإنه تنفق قدر كفايتها بالمعروف.
ثالثا:
إذا اشترط الزوج شراء طعام معين؛ لفائدته، لم تلزم طاعته في ذلك؛ فإن الإنسان لا تلزمه طاعة أحد فيما يأكل.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وليس للأبوين إلزام الولد بنكاح من لا يريد فلا يكون عاقا، كأكل ما لا يريد " انتهى من "الاختيارات" ص 304.
ولا فرق في هذا بين كون الزوج حاضرا أو غائبا، فإذا لزمه اللحم لزوجته، لم يكن له إلزامها أن تأكله على وجه معين، بل ذلك راجع لها.
قال في مغني المحتاج (5/ 135):
"(والواجب) في جنس الطعام المذكور (غالب قوت البلد)، أي بلدهما، من حنطة أو شعير أو تمر أو غيرها، حتى يجب الأقط واللحم في حق أهل البوادي الذين يعتادونه؛ لأنه من المعاشرة بالمعروف المأمور بها...
(وعليه)؛ أي الزوج لزوجته (تمليكها) الطعام (حبا) سليما؛ لأنه أكمل في النفع من الخبز والدقيق فتتصرف فيه كيف شاءت...
(وكذا) على الزوج أيضا: (طحنه) وعجنه (وخبزه في الأصح)؛ أي عليه مؤنة ذلك ببذل مال أو يتولاه بنفسه أو بغيره ...
هذا إذا كان الحب غالب قوتهم، فإن غلب غير الحب، كتمر ولحم وأقط، فهو الواجب ليس غير، لكن عليه مؤنة اللحم وما يطبخ به...
(ولو أكلت معه) أي الزوج (على العادة)، أي من غير تمليك ولا اعتياض: (سقطت نفقتها في الأصح). قال في زيادة الروضة لجريان العادة به في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم – وبعده؛ من غير نزاع ولا إنكار ولا خلاف" انتهى.
وعلم بهذا أن الأصل تمليكها الحب واللحم ونحوه؛ لتتصرف فيه كيف شاءت، فلا يلزمها قبول طعام معين، أو صنعه بطريقة معينة.
رابعا:
إذا منع من شراء الأطعمة الجاهزة، فإن كان لضررها، فإنه يطاع في ذلك؛ لأن تناول المضر محرم أو مكروه، بحسب ما فيه من الضرر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لَا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ رواه أحمد وابن ماجه (2341) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه.
وإذا منع من الأطعمة الجاهزة؛ لغلاء ثمنها، مع فقره، و إعساره، أو لزيادة كلفتها عما يجب لها عليه من النفقة: فإنه يطاع في ذلك أيضا؛ لما تقدم من أن النفقة يراعى فيها حال الزوج يسارا وإعسارا.
فإن كان موسرا، أو كانت تشتري ذلك في القليل من الأحيان، الذي لا يجحف بماله، ولا يشق عليه في النفقة: لم يكن له المنع من ذلك؛ بشرط ألا تكثر منه حتى تجحف بماله، أو يخشى منه الضرر، إن كان لمثله ضرر صحي عند المختصين في التغذية، أو يخاف فوات منفعة الطعام الطازج.
والله أعلم.
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |