عنوان الفتوى : للمستخير فِعْل ما بدا لَه، وإن لم يَنشرح صدره لَه
ماذا أفعل؟ فقد صليت الاستخارة لأمر، لكنني مرة أشعر بالضيق، والبكاء، ومرة أشعر بالراحة، والطمأنينة، والقوة، علما بأن موضوع الاستخارة هو الرسوب في امتحان ما، في كلية الطب، متعمدة، لكي أتمكن من إعادة السنة الدراسية مرة أخرى، وذلك لأنني أهملت هذه السنة، ولم أدرس المواد بشكل جيد، ويرضي الله.
لأن تخصص الطب تخصص إنساني، ويحتاج من الإنسان أن يكون مدركا، ومُلِما بمعلومات كثيرة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نسأل الله أن ييسر أمركِ، ويوفقكِ للصواب، ويقدر لكِ الخير.
وأما عما تفعلينه: فيمكنكِ فعل ما استخرت فيه من الرسوب، وإعادة السنة، والازدياد من الخبرة. فقد قال المباركفوري في مرعاة المفاتيح: واختلف في ماذا يفعل المستخير بعد الاستخارة؟ فقيل: يفعل ما بدا له، ويختار أي جانب شاء من الفعل، والترك، وإن لم ينشرح صدره لشيء منهما، فإن فيما يفعله يكون خيره، ونفعه، فلا يوفق إلا لجانب الخير، وهذا لأنه ليس في الحديث أن الله ينشئ في قلب المستخير بعد الاستخارة انشراحاً لجانب، أو ميلاً إليه، كما أنه ليس فيه ذكر أن يرى المستخير رؤيا، أو يسمع صوتاً من هاتف، أو يلقى في روعه شيء، بل ربما لا يجد المستخير في نفسه انشراحاً بعد تكرار الاستخارة، وهذا يقوي أن الأمر ليس موقوفاً على الانشراح، وفي الجملة المذكورة في الحديث، إنما هو أمر للعبد بالدعاء بأن يصرف الله عنه الشر، ويقدر له الخير أينما كان.
وهذا اختاره ابن عبد السلام، حيث قال: يفعل المستخير ما اتفق، واستدل له بقوله في بعض طرق حديث ابن مسعود في آخره: ثم يعزم، وأول الحديث: إذا أراد أحدكم أمراً فليقل.
وقال الشيخ كمال الدين الزملكاني: إذا صلى الإنسان ركعتي الاستخارة لأمر، فليفعل بعدها ما بدا له، سواء انشرحت نفسه له أم لا، فإن فيه الخير، وإن لم تنشرح له نفسه، وليس في الحديث اشتراط انشراح النفس. اهـ.
والله أعلم.