عنوان الفتوى : اقتطاع مبلغ من موظفين وإعطاؤه لموظفين آخرين
أعمل موظفا حكوميا في إحدى الجهات الحكومية. ونظرا للظروف الاقتصادية التي يمر بها جميع أنحاء العالم الآن، ولأني رب أسرة؛ فإني مطالب دائما بالسعي لتحسين دخلي.
وقد نما إلى علمي بأن إحدى الإدارات بالوزارة التي يتبع لها عملي، بها نظام مكافآت، والدخل بها أفضل بكثير من الإدارة التي أعمل بها حاليا.
ولقد عرفت أنهم بحاجة إلى خمسة موظفين بنفس تخصصي؛ فسعيت بكل الطرق للانتقال إلى تلك الإدارة، إلى أن تم نقلي إليها للعمل بنظام المأمورية، إلى حين انتهاء أوراق انتدابي إلى تلك الإدارة.
ولكن يشاء الله أن تحدث أكثر من عرقلة قانونية تحول دون انتدابي لتلك الإدارة، حتى إنني أتممت عامي الأول في تلك الإدارة بنظام المأمورية (4 أيام عمل بتلك الإدارة، ويوم عمل واحد بإدارتي الأصلية) مما ينتج عنه عدم صرف أي مكافأة لي لحين انتهاء أوراق الانتداب.
ولقد كان الأمر مرهقا لي ماديا، ولزملائي الـ 5 الذين يشاركونني نفس مشكلتي؛ فقمت بتقديم طلب لمدير هذه الإدارة بأن يقوم بزيادة مبلغ المكافأة لبعض الزملاء والاتفاق معهم على أن هذه الزيادة عند قبض الراتب يتم جمعها منهم، وإعادة تقسيمها على الزملاء الذين لا يأخذون شيئا من تلك المكافآت (وهذا نظام متبع في كثير من الجهات الحكومية في بلدنا، رغم أنه غير قانوني، ولكنه يعتبر حلا جزئيا لمشكلاتنا على الأقل لحين حل المشاكل القانونية للانتداب). ولكن فوجئنا بأن السيد المدير أصدر أمرا بجمع مبلغ من المال من جميع العاملين بالإدارة، دون أن يقوم بزيادة المكافآت التي يحصلون عليها، بحجة مساعدة الزملاء الذين لا يحصلون على شيء من تلك المكافآت.
وهذه المبالغ يقوم الزملاء الأصليون بالإدارة بدفعها خوفا من بطش هذا المدير. وهنا انقسم الرأي بيني وبين زملائي حول إن كان أخذ هذه الأموال حلالا لنا، أو حراما؟
علما بأننا لم نطلب هذا الأمر من المدير، كما أن جميع المبالغ التي يحصل عليها هذا المدير لا تصل إلى أيدينا جميعها. كما أن المبلغ الذي يتم جمعه من الزملاء الأصليين بالإدارة هو واحد من عشرة من المبالغ التي يحصلون عليها.
فما مشروعية تلك المبالغ التي نحصل عليها منهم، خصوصا وأن بعضهم يدفعها وهو غير راض بها؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كانت هذه المكافآت جُزءا من أجرة هؤلاء الموظفين بمقتضى عقد عملهم،- وهو الظاهر من السؤال- فهي ملكهم، وحقهم. وبالتالي، تجب معاملتها كما تعامل سائر أموالهم، ولا يجوز أخذ شيء منها إلا بطيب نفس منهم.
وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {النساء: 29}.
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في خطبته في حجة الوداع، في أيام التشريق: إن دماءكم وأموالكم، وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، إلى يوم تلقونه ...
ألا لا تظلموا، ألا لا تظلموا، ألا لا تظلموا؛ إنه لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد، وحسنه الألباني.
وقال صلى الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه. رواه مسلم.
وقال -أيضا- صلى الله عليه وسلم: من اقتطع مال امرئ مسلم بغير حق؛ لقي الله -عز وجل- وهو عليه غضبان. رواه الشيخان وأحمد، واللفظ له.
والله أعلم.