عنوان الفتوى : حديث جبريل يشتمل على جميع وظائف العبادات الظاهرة والباطنة ولعوم الشريعة
هل يمكن القول بأن دين الإسلام عبارة عن: أركان الإيمان، وأركان الإسلام، وركن الإحسان فقط؟ أم يجب إضافة شيء معها؟
وشكرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا إشكال في العبارة التي سألت عنها، فإن مراتب الدين: الإسلام، والإيمان، والإحسان، تندرج تحتها شرائع الدين كلها، كما جاء في حديث جبريل المشهور عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بارزا للناس، فأتاه رجل، فقال: يا رسول الله! ما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتابه، ولقائه، ورسله، وتؤمن بالبعث الآخر، قال يا رسول الله! ما الإسلام؟ قال: الإسلام أن تعبد الله، ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان، قال: يا رسول الله! ما الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإنك إن لا تراه، فإنه يراك... قال ثم أدبر الرجل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ردوا علي الرجل، فأخذوا ليردوه، فلم يروا شيئا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا جبريل، جاء ليعلم الناس دينهم.
قال القاضي عياض في إكمال المعلم: وهذا الحديث قد اشتمل على شرح جميع وظائف العبادات الظاهرة والباطنة، من عقود الإيمان، وأعمال الجوارح، وإخلاص السرائر، والتحفظ من آفات الأعمال، حتى إن علوم الشريعة كلها راجعةٌ إليه، ومتشعبة منه.. إذ لا يشذ شيء من الواجبات، والسنن، والرغائب، والمحظورات، والمكروهات، عن أقسامه الثلاث. اهـ.
وقال ابن رجب في جامع العلوم والحكم: وهو حديث عظيم جدا، يشتمل على شرح الدين كله، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في آخره: هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم ـ بعد أن شرح درجة الإسلام، ودرجة الإيمان، ودرجة الإحسان، فجعل ذلك كله دينا. اهـ.
وقال ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى: يدل على ذلك أنه قال في حديث جبرائيل: هذا جبريل جاءكم يعلمكم دينكم ـ فجعل الدين هو الإسلام، والإيمان، والإحسان، فتبين أن ديننا يجمع الثلاثة، لكن هو درجات ثلاث: مسلم، ثم مؤمن، ثم محسن، كما قال تعالى: ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ـ والمقتصد، والسابق كلاهما يدخل الجنة بلا عقوبة، بخلاف الظالم لنفسه، وهكذا من أتى بالإسلام الظاهر مع تصديق القلب؛ لكن لم يقم بما يجب عليه من الإيمان الباطن؛ فإنه معرض للوعيد، كما سيأتي بيانه -إن شاء الله- وأما: الإحسان، فهو أعم من جهة نفسه، وأخص من جهة أصحابه من الإيمان، والإيمان أعم من جهة نفسه، وأخص من جهة أصحابه من الإسلام، فالإحسان يدخل فيه الإيمان، والإيمان يدخل فيه الإسلام، والمحسنون أخص من المؤمنين، والمؤمنون أخص من المسلمين. اهـ.
والله أعلم.