عنوان الفتوى : مغفرة الله ورحمته أوسع من كل ذنب، فلا تنتحر
عمري 15 سنة، وقد قمت بممارسة اللواط مع شخص متحول جنسيًا منذ أربعة أشهر، وذلك في رمضان. ومنذ ذلك الحين وأنا أشعر بالندم، والاشمئزاز والخجل من نفسي! وأصبحت أريد أن أقتل نفسي بسبب ما فعلته، وقد تبت والحمد الله، ولكن إلى الآن هذا الأمر يُؤثر علي نفسياً، لأنه من أسوأ الفواحش وأعظمها، وأيضاً أنا في سن صغير.
أعرف أنه لا يوجد سبب أجبرني على فعل ذلك في رمضان، ولكني ندمت ندمًا شديدًا! وأريد أن أرجع إلى حياتي الطبيعية، وأن يرضى الله عني، علماً أنني حاولت أن أنتحر سابقاً، وكنت حزينًا ومكتئبًا قبل هذا الفعل! وزدت اكتئاباً بعده!
أؤمن أنني لا أستحق أن أعيش بعد هذا الفعل الفاحش، ولا أستحق أي نوع من أنواع الحب، لا أعرف ماذا أفعل!؟ ولا أريد أن أقتل نفسي في الوقت نفسه، وأريد أن أحسِّن وأطور من نفسي كما كنت أفعل من قبل.
السؤال: ما حكم فعل هذا الأمر في رمضان؟ وماذا أفعل لأتطهر من هذا الذنب؟
وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن نعمة الله -عز وجل- على العبد أن يرزقه نفسًا تلومه على ما يقع فيه من تقصير، فاشكر الله على هذه النعمة، فهي التي جعلها الله سببًا لأن تندم ندمًا شديدًا على ما فعلت، وأن تقبل على التوبة. وهذه التوبة هي التي تطهرك تطهيرًا كاملًا من هذا الذنب العظيم، فيمحوه رب العالمين -بمَنِّه وكرمه- كأن شيئًا لم يكن، فقد قال سبحانه: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {طه: 82}. وثبت في الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن العبد إذا اعترف بذنب، ثم تاب؛ تاب الله عليه. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها، تاب الله عليه.
فعليك أن تحسن الظن بربك، وأنه مهما عظم الذنب، فمغفرته أعظم، ورحمته أوسع، ولذلك جعل باب التوبة مفتوحًا لكل مذنب ولو كان ذنبه شركًا، أو كفرًا أو نفاقًا، قال عز وجل: قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53}.
فاستأنف حياتك، واسع في مصالح دينك ودنياك، وكن على حذر من كل ما يمكن أن يوقعك في الفاحشة مرة أخرى.
واعمل على ما يُعِفُّك من الزواج إن تيسر لك، وإن لم يتيسر؛ فعليك بالصوم، والحرص على صحبة الصالحين، وشغل الفراغ بما ينفع من ذكر الله وتلاوة القرآن.
ولمزيد من الفائدة، راجع الفتويين: 10800، 12928، ففيها بعض التوجيهات النافعة لمن يرغب في السير في طريق الاستقامة.
والانتحار داء وليس دواء، والإقدام عليه علامة رقة في الدين، وخلل في العقل؛ فهو لا يحل لصاحبه مشكلة، بل ينقله إلى شقاء أعظم.
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من تردى من جبل فقتل نفسه؛ فهو في نار جهنم يتردى فيها خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن تحسى سمًا فقتل نفسه؛ فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن قتل نفسه بحديدة؛ فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا.
فلا تفكر في الانتحار مجرد تفكير، فضلًا عن أن تقدم عليه بالفعل، ولا تسترسل مع أي تفكير في هذا الجانب، بل اصرف تفكيرك إلى ما فيه الخير، واستعذ بالله من الشيطان الرجيم، فقد قال تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد: 28}.
والله أعلم.