عنوان الفتوى : لا توارث بين المُتَبَنِّي والمُتَبَنَّى. ولا مَحْرَمِيَّة، إلا بالرضاعة
رجل وامرأة تبنيا أحد الأطفال من دار الأيتام منذ أن كان عمره أياماً، لعدم إنجابهما للأطفال، ولا أحد يعرف سوى أقاربه، كأعمامه وأخواله وخالاته، وعماته فقط، مع العلم أنه مسجل باسم أبيه الحقيقي في الرقم الوطني، وتوجد أوراق التبني، لكنه لا يخبر الناس أنه قد تم تبنيه خوفاً من كره أقاربه له كأبناء خالته، وغيرهم، ولم يعلم بالأمر إلا قبل أقل من سنة تقريباً، ولم يكن يعلم بأن إخفاء أمر التبني حرام، وهو الولد الوحيد للشخص الذي تبناه.
فهل يرث منه؟ وماذا يفعل مع أمه التي ربته؟ مع العلم أنه رضع من أخت المرأة التي تبنته، وينادي عليها بخالتي، ولديه إخوة وأخوات من أخت المرأة التي تبنته، ولكنه لا يعيش معهم، بل يعيش مع المرأة التي تبنته، وليس لديه أي صلة قرابة سوى بالتي أرضعته وبأبنائها، علماً أنه يعاني من فشل كلوي مزمن، ويحتاج إلى رعاية، ولا يستطيع أن يستقل بمفرده، مع الأخذ بعين الاعتبار أن أقاربه كخالاته وعماته لا يعاملنه معاملة الغريب، يجلسن معه وكأنه من محارمهن، ولا يستطيع أن يقول لهن ابتعدن عني، لكنه يبتعد عن بناتهن، ويحرص على عدم مصافحتهن، ومن الصعب أن يخبر المرأة التي تبنته أن تبتعد عنه، أو إقناعها بأنه أجنبي عنها؛ لأنها لم تفكر بهذا طول حياتها.
فماذا يفعل بارك الله فيكم؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر بالسؤال أن هذا الولد مسجل في الأوراق الرسمية منسوباً إلى أبيه الحقيقي، وهذا أمر طيب. وهو المطلوب شرعاً، كما قال تعالى: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ {الأحزاب: 5}.
وأما تبنيه من جهة الرجل والمرأة المذكورين، أي معاملته معاملة الابن في الرفق به، والإحسان إليه. فهو أمر طيب يشمله الترغيب الوارد في كفالة اليتيم، لكن لا تترتب عليه آثار البنوة من الميراث والنفقة، وحرمة المصاهرة، قال الله سبحانه: وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ {الأحزاب: 4}. فلا توارث بينه وبين من تبناه بمجرد هذا التبني.
وإن أرضعته أخت هذه المرأة الرضاع المحرم - خمس رضعات معلومات - فقد صارت هذه المرضعة أماً له من الرضاع، وأخواتها خالات له من الرضاع، ويكون محرماً لهن.
ثبت في الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب.
وعلى هذا؛ فلا حرج في جلوسهن معه ومصافحته لهن ونحو ذلك. وهذا بالنسبة لخالاته من الرضاع. وأما أخوات الرجل الذي تبناه، فلسن عمات له، ولا محرمية بينه وبينهن، فيعاملهن معاملة الأجنبيات. وكذلك بنات هؤلاء النساء أجنبيات عنه ما عدا بنات المرأة التي أرضعته، فإنهن أخوات له من الرضاع.
وإن كان في حاجة لرعاية وأحسنوا إليه، فهذا أمر طيب، فالله -تعالى- أمر بالإحسان، وبيَّن أن أهله هم أحباؤه، كما قال في محكم تنزيله: وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {البقرة: 195}.
والله أعلم.