عنوان الفتوى : حكم العمل في تسجيل القروض الربوية وفوائدها
تخرجت قبل سبعة أشهر من تخصص المحاسبة، وبعدها وظفت في شركة مساهمة خاصة محاسبا، وللأمانة لم أكن أعلم طبيعة عملي، لأنني حديث التخرج، وطبيعة عملي كتالي:
1- حيث إنني أقوم بتسجيل الحركات التي حدثت في كشوفات البنك في برنامج المحاسبة، ومنها دفعة القرض، حيث حسب معايير المحاسبة الدولي.. يجب أن تفصل بين دفعة القرض الأساسية والفائدة المحتسبة، وحتى القروض الإسلامية يجب فيها الفصل.
2- أراقب رصيد حسابات البنك، وأقوم بتوفير الرصيد لسداد القروض، لأن الشركة تمول مشترياتها من البنوك الربوية والإسلامية، والأغلب حاليا من الإسلامية، حيث إن العقد بين الشركة والبنك الربوي يأتي بسقف معين، وسعر فائدة معين، فإذا أرادت تمويل بضاعة يجب أن تحضر خطاب فاتورة، فيقوم المدير العام بإرسال فاتورة للمدير العام حتى يوافق على التمويل، ويحدد البنك هل هو ربوي، أو إسلامي؟ ومن ثم يرسلها إلي حتى أوجهها للسكرتيرة، حتى تقوم بكتابة الخطاب، ويوقع عليه المدير العام، والمدير المالي، وهذه مشكلة تواجه المحاسبين كل المحاسبين، حيث إن النظام العالمي كله ربوي، والمال الذي بين أيدينا ربوي، ومضطرون في نقطة ما أن نتعامل حسب النظام العالمي، ولكن عندما يريد العام شراء بضاعة يرسلها للمدير المالي ويوقع عليها، ثم يحول المدير الطلب إلي حتى أتأكد منه، وأحوله إلى السكرتيرة التي تكتب الخطاب للبنك، وصيغة الخطاب تكون كالتالي: أرجو تمويل، وتحويل مبلغ إلى المورد، مع أنه ليس لي أي دور في صنع القرار، ووجودي للتأكد فقط، وإذا لم أكن موجودا فإن هذه العملية ستتم، لأن هذه طبيعة عمل الشركة: أن أقوم بالتأكد من صحة احتساب الفوائد، وهل البنك يحتسب على نفس السعر المتفق عليه أم لا؟ لكنني بعد ما بحثت في الموضوع أردت السؤال؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه لا يجوز عمل المحاسب في خصوص تسجيل القروض الربوية وفوائدها، ومتابعة طلباتها للتأكد من صحة نسبة الفائدة المتفق عليها مع البنك، ولا غير ذلك مما يتعلق بتسيير المعاملات الربوية، حتى ولو لم يكن للمحاسب دور في صنع القرار، فدور المحاسب في هذه الحالة لا يقل عن دور كاتب الربا وشاهده، وفي صحيح مسلم وغيره عَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ.
ويستثنى من ذلك حال الضرورة والحاجة الملحة، كما هو شأن سائر المحرمات، كأن لا يجد المرء إلا هذا العمل لينفق به على نفسه ومن يعول، وإن تركه لا يتمكن من تحقيق الحد الأدنى من حياة الفقراء، فحينئذ يرخص له في العمل حتى تزول ضرورته، مع لزوم السعي في البحث عن عمل مباح، لا يباشر فيه محرما، ولا يعين عليه،
وقد قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2-3}.
وقال جل وعلا: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً {الطلاق:4}.
وراجع في ذلك الفتاوى: 136597، 101859، 272542.
والله أعلم.